مقالات الرأي

علي يس يكتب: المتأسلمون: بين تخريب الفطرة ، و (تفطير الخبرة).. !!

سودان ستار

المتأسلمون: بين تخريب الفطرة ، و (تفطير الخبرة)..!!


ربما تمكن القارئ الكريم من إدراك أن العبارة الأخيرة من عنوان هذه الكلمة “تفطير الخبرة” ليست مجرد تلاعب بالكلمات ، حين يرى ، خلال السياق، أن متأسلمي المؤتمر الوطني خلال فترة تسلطهم على البلاد و العباد، ظلوا يعوِّلون على الخبرات الفطيرة لمنسوبيهم في إدارة الشأن العام، بعد أن أحالوا أصحاب الخبرات الحقيقية المتراكمة – في كل مجالات الخدمة العامة ، مدنية أو عسكرية – إلى ما أسموهُ زوراً “الصالح العام”.. و ربما كان النموذج الأكثر وضوحاً و تأثيراً لـ (تفطير الخبرة) تلك القفزة في الظلام التي تولَّى كبرها إبراهيم احمد عمر ، الذي كان رئيساً لحزبهم البائس آنذاك. أعني ما أطلقوا عليه “ثورة التعليم العالي”، بعد أن أفرغوا الجامعات الأربع التي كانت موجودة قبل ثورة تعليمهم العالي، من معظم الأساتذة الأكفاء أصحاب القدرة و الخبرة و الأمانة ، بإبعادهم بزعم كونهم يساريين أو “علمانيين” ، فلم يبق من أساتذة مؤهلين في الجامعات الأربع إلا القليل ، و على تلك الحال قرروا أن يبتدروا ما أسموه ثورة التعليم العالي ، فبنوا في كل ولاية مبنى أسموه جامعة ، و حين انتبهوا إلى أن الجامعات تحتاج إلى أساتذة ، و أن جُلّ الأساتذة المؤهلين قد غادروا البلاد لتنتفع بعلمهم كثير من البلدان العربية و الأفريقية و الأوربية و الآسيوية، قرروا أن يملأوا الفراغ الذي صنعوه بجهلهم و حمقهم ، بأساتذة “مزيفين” ، فعمدوا إلى كل خريج من ملة الكيزان من حملة البكالوريوس، لينفخوه نفخاً ، متجاوزين كل التقاليد الراسخة في منح الدرجات و الألقاب العلمية ، فشهد السودان من حملة درجات الماجستير و الدكتوراه الآلاف من “أنصاف الأميين” ليملأوا بهم المباني التي أسموها جامعات، و خلال سنوات معدودة امتلأت البلاد بالآلاف من “خريجي الجامعات” الذين لا يملكون من هذا اللقب إلا اسمه.. فكان لذلك كله أثره المدمر على سمعة الجامعات السودانية ، ليس الجديدة وحدها بل حتى الجامعات العريقة مثل جامعة الخرطوم و جامعة الجزيرة و جامعة أم درمان الإسلامية التي بلغ انحطاط سمعتها أن امتنعت كثير من الدول العربية عن الاعتراف بالشهادات الصادرة عنها ، سواءً شهادات البكالوريوس أو الماجستير و خصوصاً الدكتوراه.. فالشهادات العلمية في عهد المتأسلمين أصبحت تباعُ و تُهدى، حتى إن أحد صبيانهم من الراسبين في الشهادة السودانية (المسمى مبارك النور) و الذي كان يعمل ساعياً لدى “بابكر عبدالسلام” أحد أكابر الكيزان و نافذيهم ، تحول فجأة من وظيفة ساعٍ إلى وظيفة “مدير إداري” بصندوق تشغيل الخريجين، بعد أن منحوه شهادة “دبلوم” في الإدارة أو في الإعلام – لا أذكر – من جامعة أم درمان الإسلامية ، على سبيل الهدية!!..

ذلك الـ “مبارك النور” تم حشره في المجلس الوطني – برلمانهم – كعضو عن ولاية القضارف “و والله لم يكن يحسن كتابة جملة مفيدة” حتى شهدناه في رمضان من العام 2023 قبيل الحرب ، يخطب في شراذم من فلول الكيزان ، مفتياً في (الإطاري) و حالفاً الأيمان أن “حركتهم الإسلامية” ستذهب بالإطاري و بالذين جاءوا به إلى الجحيم!!..

و مادام الحديث عن (تخريب الفطرة – و تفطير الخبرة) و كلا الأمرين من أعظم جرائم الإفساد في الأرض ، أذكر ما استمعت إليه قبيل أيام ، من تسريب جهاز أمن البشير لمكالمة متطاولة جرت بين أحد صبيانهم المدللين “حامد ممتاز” و بين فتاة تسمى “هيفاء” تعمل سكرتيرة لأحد وزرائهم “واضح من سياق المكالمة أنها جرت على أيام حكمهم ، عانيت الكثير من التقزز و أنا إستمع إلى تلك المحادثة التي لا أعلم الغرض الذي توخاه جهاز صلاح قوش من تسريبها و لقد يسأل سائل : لماذا أكملت الاستماع إلى محادثة رغم تقززك منها ، و الجواب أن فهم طبائع هؤلاء الكيزان هدف سامٍ يهون في سبيله الكثير من المكاره.

كانت المحادثة التليفونية الطويلة – زهاء ساعة أو تزيد – عبارة عن “مراودة” تتخللها “السمسرة” و يكللها الضحك الخليع و لا تنقصها “الغيبة” و هي كلها عبارة عن (شمارات) بتعبير العامّة .. من يستمع إلى تلك المحادثة بين فتاة يصف جمالها صبي المؤتمر الوطني بأنها “ترمي في الشوك” و صبي تدعوه الفتاة إلى مشاركتها في (سبوبة) تدر الملايين ، يدرك تماماً تفاهة تلك الشرذمة التي حكمت البلاد لثلاثين سنة سوداء ، و يعلم نفاقها القديم حين تردد شعارات الإسلام ، و حين يهتف جهلة مجاهيل أمثال أنس عمر و الجزولي و مبارك النور باسم (الإسلام) و هُم والله أعظم عار على الإسلام حين ننسبهم إليه ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى