أثارت جريمة قتل مجموعة من الشباب في منطقة الحلفايا بمدينة بحري على يد عناصر تقاتل إلى جانب الجيش استنكاراً واسعاً من فئات متعددة من الشعب السوداني.
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مدته دقيقتان يُظهر مجموعة من المسلحين قرب عدد من جثث الشباب بعد أن قاموا بقتلهم داخل أحد المنازل.
ذكرت مصادر لراديو دبنقا أن هناك أعداداً أخرى من المواطنين، يقدر عددهم بالعشرات، تم اغتيالهم أيضاً في شوارع المنطقة التي تمكنت القوات المسلحة من السيطرة عليها أثناء عملياتها العسكرية التي انطلقت يوم الخميس الماضي.
نقلت مواقع وصفحات مؤيدة للدعم السريع عن مواطنين قولهم إن عدد المدنيين الذين تم اغتيالهم وصل إلى 120 شخصاً.
أشارت مجموعة محامي الطوارئ إلى أن منطقة الحلفايا في بحري شهدت حالات اعتقال تعسفي وجرائم قتل خارج القانون، والتي تمت بناءً على أسس عرقية ومناطقية، وبعضها جاء استجابة لدعوات التحريض والكراهية.
ذكرت المجموعة في بيان اطلعت عليه راديو دبنقا أن جميع حالات القتل كانت تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على المنطقة منذ بداية الحرب في أبريل من العام الماضي.
وأشارت إلى استمرار هذه الجرائم وأحكام الإعدام التي أطلق عليها اسم (المحاكمات الميدانية)، والتي شملت مدنيين وعسكريين، مدعومةً بدعوات التحريض على الرغم من الأوضاع المزرية التي تمر بها المنطقة.
صرحت مجموعة الطوارئ أن هذه الأفعال تُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وتصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن كونها انتهاكاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وصف الأستاذ المحامي المعز حضرة في حديثه لراديو دبنقا ما تعرض له المدنيون في منطقة الحلفايا بأنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي والقانون الجنائي السوداني، بالإضافة إلى قانون القوات المسلحة السودانية.
ومع ذلك، فإنه استبعد أن يتم تقديم من قاموا بتنفيذ هذه الإعدامات للمحاكمة، لأن السلطة الحالية باتت تحت سيطرة الإسلاميين.
ادانات واستنكار
أدانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” هذه الجريمة ودعت إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد مرتكبيها وتقديمهم للمحكمة، مؤكدة على ضرورة معالجة المسألة بشكل جاد بعيدًا عن التسويف والمماطلة، كما حدث في انتهاكات سابقة انتهت بوعود التحقيق دون الوصول إلى نتائج.
وصفت الحادثة بأنها جريمة حرب مكتملة الشروط، وأكدت أنها ستسعى لتحقيق العدالة في يوم من الأيام لكل من ارتكبها أو حرض عليها.
أفادت منظمة تقدم في بيان صحفي رصدته إذاعة دبنقا، أن المعلومات الأولية المتوفرة تشير إلى وجود عمليات إعدام خارج القانون استهدفت عشرات المدنيين.
بدوره، استنكر حزب الأمة القومي هذه الجريمة البشعة، وأكد أن ما وقع يمثل عاراً أسود يتحمل مسؤوليته القوات المسلحة المعنية بحماية المدنيين حسب الأعراف والقوانين.
وأفاد الحزب “أن مثل هذه الجرائم ضد المواطنين، التي تقوم بها مجموعات إرهابية من عناصر النظام السابق، تضع القوات المسلحة في موقف يتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية”.
وأشار حضرة إلى أن هذه الجرائم استمرت في ارتكابها كتائب الإسلاميين التي تقاتل ضمن القوات المسلحة في كل منطقة تدخل إليها، كما حدث سابقًا في أم درمان القديمة.
دعوات للالتزام بالقوانين
طالبت مجموعة من محامي الطوارئ بإنهاء عمليات القتل خارج القانون والاعتقالات التعسفية وتهديد سلامة المدنيين.
ذكرت في بيانها أن طرفي الحرب ملزمان قانونًا بعدم استهداف المدنيين وعدم التمييز ضدهم على أي أساس.
طالبت مجموعة (محامي الطوارئ) مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باتخاذ التدابير الضرورية لحماية سكان الحلفايا، مشيرة إلى أن استمرار هذه الانتهاكات دون محاسبة يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية.
جددت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” دعوتها للأطراف المتحاربة للامتثال للقانون الدولي الإنساني، والتوقف عن الاعتداء على المدنيين في مناطق النزاع أو الذين يفرون منها، ووقف هذه الانتهاكات المستمرة التي استمرت تقريباً لمدة عام ونصف.
ذكر حزب الأمة في بيانه أنه يذكّر القوات المسلحة بالتزاماتها المعلنة باحترام القانون الإنساني الدولي والتقيد بتطبيق القانون والعدالة. كما طالب قيادة الجيش بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه هذه الجرائم المروعة وإجراء تحقيق عاجل وشفاف فيها، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة مع الالتزام بحماية المدنيين.
متطوعي التكايا
أفادت تقارير بأن عددًا من الشباب المتطوعين في تكايا الحلفايا، الذين كانوا يقومون بتقديم الوجبات الغذائية للأسر المتضررة من الحرب في المنطقة، قد تعرضوا للاغتيال.
وحذرت تنسيقية “تقدم” من المخاطر التي تنجم عن تجريم العاملين في المجال الإنساني والمشرفين عليه من خلال التصنيف السياسي أو الاتهام بالتحيز لأحد طرفي النزاع.
وأوضحت أن لذلك عواقب وخيمة تتمثل في عزوف المتطوعين عن تقديم المساعدة للمواطنين في المناطق المحاصرة، بعد فشل الجهات الرسمية في تقديم أي خدمات لمواطنيها الذين يعانون من الجوع والمرض.
وأضاف المحامي المعز حضرة أن هؤلاء الشباب الذين تطوعوا في التكايا كان ينبغي تكريمهم بدلاً من أن يُقتلوا بهذه الطريقة الوحشية.
وأضاف قائلاً: “لكن الإسلاميين يقومون الآن بشن حرب ضد الشعب السوداني، حيث يستهدفون لجان المقاومة والمتطوعين الذين يقدمون المساعدات الإنسانية للمتضررين من ويلات الحرب.”
أفاد عدد من أعضاء غرفة الطوارئ ببحري، الذين تحدثوا إلى راديو دبنقا، أنهم لم يتأكدوا بعد مما إذا كان من بين الضحايا أعضاء في غرف الطوارئ أو متطوعين في المطابخ الجماعية. وأكدوا أن عدد الضحايا في هذه الحوادث كبير، لكن لا توجد إحصائيات دقيقة بسبب صعوبة التنقل في المنطقة.