ليس من باب التعصُّب لها و لكن لجمالها و طبيعتها و جمال إنسانها و عبقرية الشعراء الذين أنجبتهم إنها القرير .. و ما أدراك ما القرير و يكفيها شرفاً أن غنَّى لها ملك الطنبور الفنان النعام آدم في رائعته شتيلة قريرا كلمات حسن الدابى..
قال ليها :
ربي مالك الممالك
يحرق الكومر الشالك
إنتي يا زهرة جناين مالك
وللا حاربتي القرير مالك يا الرايقة شتيلة قريرا ….
كثيراً ما سمعنا بعبارة رحم الله المصايب ، فها هي مصيبة الحرب التي نعيشها جعلت من الكثير النزوح إلى أماكن يشعرون فيها بالأمان ، وقد كنت من المحظوظين أن أرجع لمسقط راسي و مرتع طفولتي القرير التى تتكون من سبع مناطق أساسية هى الكُنيسة « الصفا» ، قوز هندى ، قوز قرافى، حى الشاطئ ، القلعة ، الكرى ، الصلحاب و العامراب و العامرة بهذه هى التى جاءت يثنائي العامرب وهما صديقى عطا الله ورفيقه عبد المنعم ، وانا طبعا من الصفا ( الكنيسة )
بمناسبة الحرب الملعونة التى فرضت علينا لجأ إلى القرير كثير من أهلها و لأنها تسع الجميع بفضل الله و ما يميِّز القرير سوقها العامر وهو له خاصية معينة ، لحظات يفور فيها ويغلي، تتسارع الخطى و يتزاحم اهل القرير والمناطق المجاورة حتى كورتى شمالاً وتنقاسى ومروى وكريمة جنوباً ، شايقية وبديرية وهواوير وسوراب وكلهم اصحاب واهل وهنا فى سوق القرير يعلو الصخب ويسود الهرج والمرج، وأصوات المكرفونات فى التكاتك والكاروهات ينادون لبضائعهم وبأسعار مخفضة .
أكاد أجزم انه أكبر سوق فى المحلية وبعده سوق تنقاسى ذلك لأنه قديم و متعدد الانشطة يأتى اليه الناس من كل البقاع يتبادلون منافع التسوق ، الخضروات بأنواعها كل بموسمه والفواكه وهذه الأيام المنقة الصفراء بالكيمان وبأرخص الثمن وجميع أنواع اللحوم و البقالات والطبليات والترزية . وحتى البقنية لها ركن خاص وهناك حلاق أسمه أحمد عوض الله عرفنى به فيصل وهو حلاقه الخاص بتركنى فى صالونه المكيف ويذهب هو لمنتصف السوق حيث الحلب *وطرِّيق* المناجل ( سنها بمبراة السكاكين ) وهناك عند الحلب يتأخر كثيرا لأن المناجل كثيرة كيمان كيمان .
السوق له إسم كبير حيث يشد اليه الرحال بالجمال والحمير والحافلات والعربات الخاصة فى يومى الأحد والخميس .
تعودت ان أذهب إليه وأغير من جو روتين عطالة الحرب الملعونه وهناك وجدت لفيف من أطياف المجتمع السوداني بكل سحناته و من محاسن الصدف و في مطعم السنكيت الذي يشبه قهوة يوسف الفكي التي اشتهرت بتجمع الأدباء و شعراء الحقيبة ، كان اللقاء العامر الذي جمعنا في مطعم السنكيت حيث يقابلنى بإستمرار الشاعر الكبير العملاق محمد المهدى حامد والشاعر الإعلامى الفاتح إبراهيم بشير و الفنان المهذب عادل عثمان الطيب و ثنائى العامراب عطا الله وعبد المنعم وأيضا بقولون ان عبد القيوم الشريف وجعفر السقيد من وقت لآخر يتواجدوا بالسوق ويفطرو ويشربو الشاى المنعنع ويتبادلون القفشات والضحكات والونسة الدُقاقة .
فى آخر سوق قبل العيد انتهزتها فرصة وقمت بإجراء لقاء مع الشاعر الكبير محمد المهدي حامد و تم توثيق ذلك اللقاء عبر الفيديو وقد شنَّفَ أذاننا بروائع قصائده .
ففي القرير مع رشف كاسة الشاي تسرح مع صوت عبد القيوم وجعفر السقيد وثنائى العامراب وجعفر المنصورى وآخرين .
ختاماً /
اللّهم اطفئ نار هذه الحرب واجعلها برداً وسلاماً، اللّهم احفظ بلادنا و أهلنا وأحقن دمائنا و أصلح ذات بيننا و أبعد عنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن .