ثقافة وأدبقراءات

الصحفي محمد الوداني: قراءة جمالية في نص (بين الحقول الخاوية )

سودان ستار

 

في قصيدة “بين الحقول الخاوية”، تبرز  أبية الريح، صوتًا شاعريًا متأملًا يتغلغل في عمق النفس الإنسانية، حيث تُبحر في عوالم الصمت واليأس والأمل الضائع، مستحضرةً معاني القحط الجسدي والمعنوي الذي يطغى على الحياة. ومن خلال صورة المرأة التي تسير وحدها في درب الذكريات، تتأمل أبية جوانب الألم والعزلة التي تحيط بها، مستعينةً بلغة رمزية بليغة تمزج بين الطبيعة والإنسان.

 

الصور الشعرية:

 

تتجلى قوة القصيدة في الصور الشعرية التي تُبرز الإحساس باليأس والتطلع نحو الأمل. حيث يبرز تصوير الأرض القاحلة والعينين المليئتين بالدموع كرمز للعطش الروحي والجسدي. وتستمر هذه الصور في مقاطع القصيدة الأخرى، حيث تُنسج الرياح “قصائد تغفو على أغصان الشجر المحطم”، مما يرمز إلى الخسارة والتلاشي، إلا أن هناك إصرارًا على البحث عن بصيص من الأمل.

 

الرمزية والتشبيهات:

 

google.com, pub-1840596202921895, DIRECT, f08c47fec0942fa0

تُستخدم الرمزية بشكل كثيف في القصيدة؛ إذ تُمثل “الحقول الخاوية” الحياة الجافة والخالية من الفرح أو الأمل. أما “اليراع” فيعبر عن النفس المتأملة، بينما يأتي “الصمت” ليعبر عن الجمود والركود الذي يهيمن على الحياة. هذا التشابك بين الرموز يُظهر براعة الشاعرة في تحويل المعاني المجردة إلى صور حسية ملموسة.

 

موضوعات القصيدة:

 

تُناقش القصيدة عدة موضوعات تتراوح بين الألم واليأس، والتوق إلى الأمل والتجدد. تتناغم هذه الموضوعات مع جو القصيدة الذي يتسم بالتأمل والصبر في مواجهة القحط والظروف القاسية. رغم هذه المعاناة، فإن القصيدة تحمل في طياتها إيمانًا ضمنيًا بإمكانية الفرج، كما يتجلى في المقطع الأخير الذي يصور الأمل كـ”نورٍ يشرق بعد ليلٍ طويل”.

 

الخاتمة والثناء:

 

إن براعة أبية الريح في خلق مشاهد شعرية قوية ومؤثرة تجعل من هذه القصيدة عملًا أدبيًا متميزًا. تُظهر أبية الريح قدرة فائقة على المزج بين الصور الرمزية واللغة العميقة، مما يجعل القارئ يشعر بأن الحياة، رغم قسوتها، تحمل دائمًا بصيصًا من الأمل. وختامًا، يمكن القول بأن هذه القصيدة تُعد نموذجًا راقيًا للإبداع الشعري، يُبرز فيه عمق الحس الإنساني والقدرة على التعبير عن المشاعر المركبة بأسلوب متفرد.

مع تحيات الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس

 

النص: أبية الريح

بين الحقول الخاوية

—————————

في درب الذكريات، تسيرُ وحدها

تتأملُ بقايا الأملِ، كحلمٍ يُنسى

الأرضُ قاحلةٌ، تتوقُ إلى المطرِ

وعينُها بحرٌ من الدموعِ المُكتنزة

تسكنُ بين الأصداء، كظلِّ اليراعِ

تراقبُ الغيماتِ تتلاشى في الأفقِ

هناكَ حيثُ تنسجُ الرياحُ قصائدَ

تغفو على أغصانِ الشجرِ المُحطمِ

تُحاورُ الفجرَ، تُناجي الضياءَ

تبحثُ عن سرابٍ يروي ظمأَ الأملِ

لكنَّ الصمتَ يعانقُ أيامَها

كعشبةٍ ذابلةٍ في موسمِ القحطِ

فما زالت بين الحقولِ الخاوية

تزرعُ الأملَ في تربٍ مُتعطشةٍ

لعلَّ الفرحَ يأتي من بعيدٍ

كما يشرقُ النورُ بعدَ ليلٍ طويلٍ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى