العفراء – لم تكن حربنا الوحيدة..
كانت هناك حرب تستعر داخلنا، لم يسلط أحد الضوء عليها، لم تغطيها أسئلة الاطمئنان السطحية والمبتزلة، لم تدركها عيون الناظرين التي ألفت مشاهد الحروب، ولم يعد يحركها تداعي الروح وإنكسار النفس.
كانت حرب ضروس وعبثية أيضا وأزلية ببقاء النفس فينا، عدو واحد ، هو المهزوم والمنتصر.
منذ أول شرارة وعي، تطايرت الخيبة والدهشة، قصف الرعب بيوت أماننا، وسقط رصاص القلق على باحات حياتنا. تحاشينا عنه داخل بدرومات الأمل، وكلما مددنا رؤسنا للخارج أصابنا رايش اليأس .
قبل أن تخترق الراء صدر الحب، كنا نبتسم للمستقبل بعيون حالمة، فقصف الحاضر صرح الماضي بذكرياته.
حلق التوهان فوق رؤسنا، وعلى أثره انهارت صوامع الإدراك.
ننام، علها هدنة تفتح ممرات آمنة لصبرنا، فيخترقها كابوس الموت، جثث الأفراح تتطاير، نلملم أشلاء الدموع لدفنها في الكتمان.
تضع الشكوك بنود للتفاوض، يالها من خبيثة!
فنصبح رهن وتيرتها نمسح ونشطب في توقعاتنا.
يصبح الوهم طرف ثالث، تقتفي أثره الأمنيات.
تمر بنا الحكايات، أيدي تصافح اتفاقيات، ولسان يخاطب تعهدات، وعيون تنظر إلى سراب.
فتضحي أرواحنا تحت النار أو الرماد أرض محروقة، منسية لا تصلح للحياة..