كتابات

أبية الريح – من وحي الحرام في البيت 

سودان ستار

“أربعون ألف سنة من لغة الإنسان، ولا يمكنك أن تجد حرفاً واحداً يصف الشعور الذي بداخلك تماماً”
-اميل سيوران

 

وجوهٌ كثيرة من شتى البُلدان، مختلف السِحنات تبدو مألوفة وغير مألوفة وبعضها ذعِرة .. جميلة .. ملامحٌ تحمل في طيّاتِها معانٍ للحب .. وأخرى للخوف .. وأكثرها تواجداً تلك الملامح التي تعبر عن الغرابة والدهشة … !!

عطور من أنواع مختلفة تزكم أنفي .. بكثافة ..

خطواتٌ مسرعةٌ، ذهاباً وإيّاباً تُصدر إيقاعاً باهتاً

شعوبٌ متناثرةٌ حول المكان .. وأنا من أقصى بلدان العالم.. بينهم.

جلست في باحة المسجد كمتسوّلة لفتات خُبزٍ وتفحّصتُ بعيني وجوه الزائرين.. جلست على الأرض .. كانت عجوز مسنة تجلس بالقرب مني، هي الأخرى تجول بنظرها في قلق بالغ .. تجاهلتها وفي تفكيري أن بعض من رغباتي تناثرت حولها ظنّاً مني.

لبثتُ ساعةً بذات البلاهة أعيد النظر.. نامت العجوز في الربع الأول منها ، ثم اتّكأت أنا على ظهري وأغمضت عيني بكل هدوء، مسرعة متشوقة لرؤية عالمي الخاص .. لم استحضر شيئاً منه، و بدأت أتغافل عن مأتم أمنياتي … ظفرت بخيرٍ كثيرٍ حين أوكلت مهمة الرفض لضميري .

 

الرياح التي كانت تطوف حولنا لم تُحسن عناقي .. ولم تَقوَىَ قُبلات الكون على إسكات تساؤلاتي رغم عنفها …

الأديمُ .. الأديم

الطعامُ ..

الكتابُ

التفوّق

التخلّف

السلطة

( تريد شهادة لا إله إلا الله)..

للحظة شعرت بعطش شديد .. زمزم.. اوه زمزم ..!! ضحكت بسبب قصة لأحد الظرفاء حينما كان متلهفاً لشرب ماء زمزم و عندما ارتوى تفاجأ أن بها ملوحة خفيفة فصاح قائلاً ببساطته: (والله طعمها ليس لذيذ ولكن لا حديث لي مع الله).

انتعلت حذائي وهممت بالمغادرة فإذا بالعجوز تصيح: “بنتي .. بنتي .. بنتي” .. توجهت نحوها حتى اقتربت فمدّت يدها مصافحة لي بابتسامة قائلة : أين بنتي ؟  تفاجأت بقولها رغم المسكنة البائنة ورغم أنها منذ جلوسي بقربها كانت تتفحص الزائرين مثلي مع اختلاف الهدف وذلك لم يلفت انتباهي ، لم أحسب غير أن كلينا في ضياع … تفقدت نفسي حتى شككت أنني ظلها؛ ابتسمت لها بحب : “ستعود .. ستعود انتظري”. وحملت بعضي أحمل إحتمالات الزائرين في صمتٍ مستقيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى