أب لحاية – حكايات شعبيّة سُودانيّة:
مقدمة الكاتِب: عادل محمد سيد احمد
كتبتُ، أوّل ما كتبت في هذه المجموعة، أحجية (أم كيشونة)، على سبيل تقديم شيءٍ جديدٍ بطرق بابٍ قديم أكلته الأرضةُ…
وسرعان ما وجَدَت مبادرتي، في توثيق هذه الأحجية الشيقة: استحسان الأصدقاء بعد أن أتحتها لهم في الوسائط الحديثة من فيسبوك وواتساب. وبالحق، فقد شجعني هذا الاهتمام والتقريظ، لتوثيق المزيد من الأحاجي والحكايات والأهازيج… حتى اكتشفت إنني على مشارفِ كنزٍ حقيقيٍ من لآلئِ ومرجان التُّراث السُّوداني…
وأعقبت هذا الاهتمام والتقريظ، مناقشات جديّة جرت بيني وأبي (محمد سيد أحمد الحسن)، أطال الله عمره ومتعه بالصحةوالعافية.
وهكذا، تطوَّر موقفي من الكتابةِ بغرض إمتاع الأصدقاء والترويح عن النفس، لعملٍ يستهدف إحياءَ هذه الأحاجي التي كانت متاحة: لجيل ما قبل التلفزيون، بالأمسيات في بثٍ مباشر من الحبوبات…وقد حُظيت بواحدةٍ من أجملهن، وأحفظهن للشعر، والحُجا، والحكايات ألا وهي: جدتي لأبي الحاجة (العافي بت كرار)، طيب الله ثراها…
وعندما نضب مخزون ذاكرتي منها، شاركتني الهم والهوى والمسئولية في استجلاب تلك الأحاجي من التاريخ، شقيقتي الأستاذة (هدى محمد سيد أحمد) وصديقتها الأستاذة (خادم الله عبد الرحيم عبدُ كاشِفْ)، لهن منّي الشكر والتقدير، ثم رفدتني العمّة العزيزة (علوية بت العافي)، وابنتها (ناهد)، بعدد لا بأس به من تلك الأحاجي الشجية العزيزة على النفس، فأحسنتا الرفادة.
وإنني، أتوجه بهذا الجهد المتواضع لأطفال السودان عبر آبائهم وأمهاتهم وجداتهم، وللباحثين وطلاب الفلكلور والآداب والعلوم الإنسانية، علهم يجدوا فيه بعضٌ ذادٍ من معينٍ دفّاقٍ بماءٍ زُلال.
وقد حاولت في كتاباتي أن أتحرّى النقل الأمين: إن لم يكن الحرفي، للروايات… ولكن، لم يهُن عليّ نقل ما استقبحتهُ، ورأيتُ انه يصرخ بقيم متخلفة: سادت ثم بادت مثل (علاقات الرق!)، ولمّا لم يكُن من المُمكن حذفها بالكامل، فقد لطفتُ الألفاظ التي تشير، هنا أوهناك، لمثل تلك القيم والمفاهيم…
ولعل الأطفالُ، عبر مربيهم، يجدُون في صياغاتي: تشويق وتركيز عالي على: معاني الجمال والقيم الخيرة! … كالعدل الاجتماعي، ونُصرة المظلوم، وتقريظ الصبر… والحثِّ على الإنتاج، وتمجيد قيم المؤازرة الاجتماعية، ما قد يدفعهُم للإقبال على هذه المجموعة من الغلافِ إلى الغلافْ…
والأحاجي، بطبيعتها: (شعبيّة)، من حيثُ اتساع تداولها في القرى والحضر، وتنوُّع فئات المجتمع التي تقبلها، بإجماع وبلا استثناء، (تقريبا!) …وستكون بعض المفاهيم والمُسميّات والمُفردات: عصية على جيل الكهارِبْ الصَّاحية، والتكنولوجيا المُتجدِّدة في عالم اليوم، والذي أضحى أصغر من ركنٍ ركينْ… تلك المفاهيم: كالغول والسحّار… كما انه هناك بعض المُفردات المُمعنة في المحلية، حاولتُ شرح بعضها أثناء الكتابة.
وقد أسهم أصدقاءٌ كُثر في أن يصل هذا الكتاب للقارئ: مأمون سيد أحمد، طارق حسن الشيخ، مُعاذ عبد الرحيم، صفوة عبّاس علي، الفاضل الهاشمي، عبد الرحمن حسن، معتصم بيضاب، آدم جُبآري، زكريّا محمد أحمد، أمال الشيخ، عادل قسم الخالق إبراهيم، إبراهيم فتح الرحمن، طه سُليْمان، محمد عبد الله حلاوين (أبو مولي)، د. أحمد عُثمان عُمر، ناهد جبر الله وناهد محمد أحمد، فعمر كرّار… وآخرين لا حصر لهم… لهم مِنَّا الشكر والإعزازُ والتقديرْ.
وهكذا، فان هذا غيضٌ من فيضِ حجاوي سوداننا الحبيب، نأمل أن ننهل منه، جميعاً، ونعيد بثَّه وتجميعه، لعل في ذلك: إثراءٌ للمكتبة السودانية!
نجران -السُعوديّة
يوليو/ 2017م.