مقدمة الكاتب (مُنقَّحة).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْ إنَّها مذكرّات، أو تداعيات، أوسياحة في أيَّامٍ خلتْ، من منتصف تسعينات القرن الماضي.
تلك الأيام التي اتشح فيها الوطن بالسواد، وأكتنفه الظلام، وتاه الناسُ، وذُهِلُوا، إلا القلة التي احترقت، حدَّ التَّوهُج، لتضيء للآخرين طريقاً، سيفضي بعد حينٍ إلى النور.
– ولهؤلاء القِلَّة أكنُّ ما هو فوق التقدير، والإحترام، أكنُّ لهم حبّاً، لا تحده حدود.
ولأجل أن ينال الناس، الذين سيقع هذا السفر بين أيديهم، من فيض هذا الوجد، فقد كتبت، من ثنايا الوجدان، وبدماءِ، ودموعِ الأقلام، ما رأيته قابلاً، وجديراً بالذكر، ومفيد، وملهم للأجيال القادمة.
وقد ساعدتني كتابةُ هذه الأسطر، الحنينة، والشجيَّة، على الإتزان النفسي، وقامت بتفريغ طاقةٍ هائلةٍ من المشاعر السالبة، التي كانت في حينها غضباً ساطعاً، ممزوجاً بالرغبة في الإنتقام، والعزم على استرداد الحقوق بالقوة.
ولكن، فإنَّ للزمنِ سحرٌ، وللتجربةِ قيمةٌ عظيمة، تبعثُ طاقةً من التسامح، وتُيسِّر التعافي من أمراض الأنا، وتساعد على التعميم، الذي يفضي بدوره إلى أن تتحول مراراتُ تلك الآلام إلى تجربةٍ، موثقةٍ، تضاف إلى ما أنتجته الإنسانيّة من آدابٍ نافعة، وفنونٍ رفيعة، أحالَ بعضُها مرارات الحروب، وقباحة استغلال الأنسان لأخيه الأنسان، إلى صورٍ، فنيّةٍ، تهذب وتشذب، وتبني ولا تهدم، وتقذف بحثالات التاريخ، إلى مكانها الطبيعي، هناك، في مزابل التاريخ!
ــــــــــــــــــــــــــ
زر الذهاب إلى الأعلى