ثقافة وأدب

حسن شهاب الدين – خَطايَا الغِناء

سودان ستار

 

(في زمن الحزن الدائم يصبح الغناء خطيئة)

الوَقْتُ..

سِرْبُ يَمَامٍ كادَ يَنْتَصِفُ

يا أنتَ..

أيَّ هديلٍ سوفَ تَقْتَرِفُ

تأخَّرَ الحُزْنُ – هذا الليلَ –

عن دَمِنا

فَلْنَبْتَكِرْ فرْحَةً صُغْرَى

لِمَنْ نَزَفوا

دَعْنا نُجَرِّبْ خَطايا الأُغْنياتِ

بلا دَمْعٍ..

فتلكَ خَطايا مَا لَهَا أسَفُ

الشِّعْرُ طِفْلٌ الحَزَانى

لا ذُنُوبَ له

يَلْهو فَيَسْرِقُ أحْـلامًا

ويَخْتَطِفُ

في جَيْبِ مِعْطفِه

مِنْديلُ قافيةٍ

يُخَبِّئُ الدمْعَ فيه

حينَ يَنْذرِفُ

وقَدْ يُجَنُّ..

فَيَمْشِي عَاريًا ألِقًا

فَنَسْتَرِيبُ قليلًا..

ثمَّ نأتَلِفُ

يُقَشِّرُ الغَيْمَ عنْ صَيْفٍ

بلا مَطَرٍ

وَيَسْكُبُ الشمسَ أحيانًا..

فَنَرْتَشِفُ

فَلْنَقْنِص الآنَ

عُصفورَيْنِ مِنْ فَرَحٍ

لِكُلِّ مَنْ لَيْلُهمْ بالحُزْنِ يَلْتَحِفُ

الدَّامِسِينَ..

لأنَّ الصُّبْحَ أخْطَأَهُمْ

وفي مَحَطَّتِه البيضاءِ لَمْ يَقِفُوا

النَّازِفينَ قناديلًا مُكَسَّرَةً

وَقَلْبُهمْ..

في الزُّجَاجِ الهَشِّ يَنْقَصِفُ

الحافظِينَ أناشيدَ الجياعِ مَعًا

عَنْ ظَهْرِ قلبٍ..

وَطَعْمَ الجوعِ تَحْتَرِفُ

لَهُمْ رصيفٌ..

ضُيوفُ الحُزْنِ تعرفُه

ومَسْجِدٌ مِـنْ عَراءٍ فـيه تَعْتَكِفُ

في كُلِّ جُرْحٍ / صديقٍ

شَيَّدوا وَطَنًا

وَمَوْعدًا بلقاءٍ كُلَّما انْصَرفوا

أطفالُهمْ غيمةٌ في الأرضِ يابسةٌ

وَعُـشْبُ دَمْعٍ هزيلٌ

مِثْلَه نشفُوا

لَهُمْ بلادٌ..

ولكنْ مِنْ نوافذِها

تساقـطوا كَثِمارٍ لَيْسَ تُقْتَطَفُ

مُشَرَّدُونَ..

كَأسْمَالٍ مُعَلَّقةٍ

على حِبَالِ المَنَافي

فَهْيَ تَرْتَجِفُ

الحُزْنُ حِبْرُ القَوافِي حينَ أكْتُبُهمْ

فمَا أمَرَّكِ يا يَائِي

ويا ألِفُ

شيِّدْتُ مِئذنةً خضراءَ مِنْ دَمِهِمْ

وَفَوْقَها..

شُهداءُ الأرضِ قد هَتَفُوا

لي قِبْلةٌ مِنْ جراحٍ

حيثما اتَّجَهوا

وَبِاسْمِهِمْ لِسَماءِ اللهِ

أزْدَلِفُ

فَلْأقْتَرِحْ لُغةً أخرَى

سِوَى وَجَعِي

فَرُبَّما طَعْمُها بالفَرْحِ يختلِفُ

وكوكبًا مِنْ قصيدٍ

نستظلُّ به

وبابَ بيتٍ صديقٍ

فيه ننعطِفُ

أصبُّهم قهوةً للشِّعْرِ ساخنةً

ونَخْبَ كلِّ حَزَانى الأرضِ

نرتشفُ

أقيسُ قامةَ صَوْتِي

في معاطِفِهمْ

فيألفون طفولاتي

وَأَأْتَلِفُ

وأقْتَفِي في مَرايا وَجْهِهِمْ أثَرِي

فلَيْسَ تَدْرِي المَرايا

أيَّنا تَصِفُ

تأخَّرَ الحُزْنُ عنَّا

قَدْرَ أغْنيَةٍ

فَـلْـنَخْـتَـلِسْها مِن الدُّنيا

وَنَعْتَرِفُ

بعضُ الغِناءِ خَطايا

حينَ تَهْزِمُنا هذي الحياةُ..

ولكنْ سَوْفَ نَـقْـتَرِفُ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى