صوت بلادي يناديني ثم قالت لي :
خوف يعتلي قلبي، بكاءٌ حبيس يأبى الخروج، شهقاتٌ مكتومة تظهر بين الفينة والأخرى..
جالسة والموت يلوح لي من قريب، أتكىء على نفسي فأميل !
فأدخل داخل أحضان أهلي، فأسمع نبضات قلوبهم تنطق بالخوف من الآتي !
نعيش واقعٌ أليم، تُدون حكاياته داخل كتاب سُمي ” بالسودان ” تلك البلاد التى تُغتصب الآن أمام العالم، تفقد طهارتها بعدما وقعت أقدام أنجس الخلائق على تُرابها، عاثوا فيها الفساد، نشروا فتات الموت على من فيها، زينوا لوحة نجاستهم بأرواح إخوتي الأحباء، أمهاتي الطاهرات، أجدادي البؤساء.
وانا هنا أبكي على حالنا، أبكي على تلك الخطوات التي يخطوها الموت نحونا، مرة ببطءٍ شديد، ومرة أخرى بسرعة تساوي سرعة البرق، لا تعلم فيها كيف مُت !
أنزوي على نفسي في كل مرة أسمع بها صوت صرخاتٍ تائهه تبحث عن النجاة، ولكن تتوه بصداها داخل الدخان المتناثر من بيوتنا، فـتُحبس الصرخة داخل حدود قلوبنا.
يتردد صوت البكاء والعويل داخل أذناي، ومنها أصواتٌ أخرى تنادي العون والرحيل الي ارض امنه،
وهناك أصواتٌ ثابتة تعلوها نبرة بكاء وتردد بالحمد الدائم، وكلمة تُردد على مسمع الجميع ” فِدا الوطن ”
أجل واللهِ فداكَ يا وطني، فأولئك الصامتون ليس لهم أوطانٌ هنا، ونحنُ من سنفديكِ وليس هُم، هُم من تلوثوا ونحن من نِلنا داء تلوثهم، خـسئت سودانيتهم، وعند أول مُنحنى تركونا ننحدر لوحدنا.
لكِ الله يابلادي، ولكِ الصبر يا نفسي..
اعياد تمر وشعب بلادي يعاني الامرين،
حرب وانعدام حتي الأوكسجين الصافي، وقد تلوث الهواء برائحة البارود وانفاس الموتي في كل شبر،
والنازحون عبر الصحاري اختارتهم ارض اخري ليدفنوا فيها اجسادهم الطاهرة، هربا من رجس البنادق التي تصرخ فوق قبورهم واشلائهم،
الأعياد تمر والايام تزحف وشعبي يتذوق علقم الحياة والبؤس علي حدود اثويبا ودول اخري وشتات نسمات سعادتهم،
العيد الثالث وشعبي يطلق صرخات استغاثة،
انتصار سريع او ايقاف الحرب العبثية، التي ارهقت حتي خطواتنا المبتورة من سنين الانقاذ وهي سبب تدهور مانحن فيه الان،
هل تسمعون صراخ الارض ونحيب النيل،
شهقة النخيل المحترقة، ودموع التبلدي، واحزان أجزاء الوطن المترامي،
والي متي تمر الاعياد ودون فرح أهلي !!!