عمر ترتوري: أوقفوا الحرب فنحن بشر نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا
نحن بشر و عمرنا قصير لأننا بشر ويجب علينا أن لا نلتحف سواد التشاؤم، فليكن لنا في عمر الزهرة درساً نتقن من بعده أن نحيا كل يوم من أعمارنا حتى منتهاه ببهجة نلونها ببياض التفاؤل..
أتابع الأخبار هنا وهناك وجلها تاح ترح وبل وجغم وهلمجرا وأسمع كل الأخطاء التي يرتكبها الناس في كل مكان سواء من بعض الساسة أو من الإنسان العادي فهم جميعاً يرتكبون جناياتهم ضد أنفسهم وضد بلادنا والحياة بألسنتهم وبأقلامهم وبهذه الكيفية يسهم كل واحد منهم في انتكاسات سياسية وأخلاقية لا يستهان بها ثم يأتي من يسمعنا ذلك التشاؤم الذي يبثه كثير من الناس في تحليلاتهم بأن المجاعة آتية لا محال وان الدولار قفل ال 2000 جنيه سودانى بالتمام والكمال وكلها أساليب تنكد علينا حياتنا .
ارجو أن الفت إنتباه اى سودانى اقول له :
كل يوم تستمر فيه الحرب يعني مزيداً من الفتن والتحشيد القبلي الذي لن يقود الا لتفكك السودان بأكمله، وتفكيكه هو احد اهم اهداف أناس مجرمون يظهروا لنا فى السر والعلن حمانا الله منهم ومن نواياهاهم .
احلف جازما بأنه حتى ولو توقفت هذه الحرب الملعونة فأن تداعياتها و آثارها السلبية على الخرطوم والناس ستكون باقية لفترة طويلة بعد انتهائها. فقد يستغرق إعادة بناء الخرطوم وإعادة بناء حياة الناس وقتًا طويلاً ، والله ليؤلمنى أن أرى مدينة كانت تعج بالحياة والنشاط تتحول إلى مدينة مدمرة ومهجورة بسبب الحرب. لذلك يجب علينا العمل بجدية على وقف هذه الحرب والعمل على بناء دولة أكثر سلاماً وتعاوناً وتفاهماً نبنيه ونعمره سودان جديد لا يرتكز علي القبلية ولا الجهوية ولا العنصرية التي عانينا منها كثيراً إذ لابد من الديمقراطية والحكم المدني الذي يرسي دعائم دولة القانون والحرية والسلام، دولة يستعيد فيها الجيش القومي المهني دوره الرائد في حماية البلاد والعباد، ويقطع الطريق على كل مغامر ومستبد .
هذه الحرب من الصعب توقفها لأننا اكثر إختلافاً وتشرزماً ونحسد بعضنا ونبغض الآخر فلا بد من التآخى والتصافى ولا بد من نحَسِّن معاملاتنا و نكنْ أكثر ليونة ورقّة حتى لا يتذمر مننا غيرنا .
فالنحرص على السلام و نحرص على إلقاء السلام على من نعرف ومن لا نعرف، فهذا دليل من دلائل الإيمان وسلامة القلب الذي نحمله بين جنباتنا وعنوان للتواضع .ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام فعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير قال : ” تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف .
فالنكُن مؤدبين ولطيفين فإذا طرقنا أبواب الناس فلا نسرع الطرق ونجعل بين الطرقة والأخرى وقتاً يسيراً ولا تزد عن ثلاث طرقات.. وإذا قيل لنا ارجعوا فالنرجع هو أزكى لنا .
كيف تنتهى هذه الحرب المجنونة ونحن فى إختلاف دائم فلا بد من أن نتعلَّم أدب الاختلاف: إذا حدث واختلفنا مع غيرنا، فالنكن ذوى معرفة جيدة بآداب الاختلاف في الرأي ونضع نُصب عينينا دائماً أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
فالنكن خير أمناء : لا نفش سر أصدقائنا ومن ائتمنونا لأن حفظ الأسرار شيء فطري ترشد إليه الطبيعة البشرية، فكل إنسان يجب أن يحفظ من الأسرار الكثير سواء أكانت خيراً لما ورد في الأثر : (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) .
كل ما اوردته ليس بعيداً عن الحرب ولأن الحرب حرب أينما أندلعت، ترافقها وبكل أسف وقوع انتهاكات تصل حد استخدام الاغتصاب كسلاح، مثلما ارتكب الجنجويد ذلك في دارفور والآن فى الخرطوم والجزيرة والأسوأ وأمر هذه الحرب كان المواطن مستهدف ، وأحياناً بنيران صديقة، أو اعتداءات تشمل التعذيب، العنف الجنسي، الاغتصاب، النهب، السرقة، احتلال البيوت، والمواطن هو الوحيد الخاسر في الحالتين، فيضطر للنزوح، واللجوء، وهجر البيوت لذلك نرفع صوتنا عاليا ونهتف :
أوقفوا الحرب فنحن بشر نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا .
ختاماً :
فى نهاية الثمانينات من القرن الماضى جلست ومعى آخرين مع مهندس الكلمة صاحب السمو الملكى الأمير المتواضع الشاعر بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز ونظم لنا هذه الجلسه موظفه ومرافقة فى حله وترحاله الدنقلاوى عبد الرحيم سربوج ، فأكرمنا الأمير وكعادته بذبائح وأرز بسمتى وفواكه من ما نشتهى والكرم الحقيقى عندما قرأ لنا بعضا من اشعاره ولكن اعجبت ب:
أنا بدوي ثوبي على المتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا وهامتي فوق
ما اعتدت أنا أحني قامتي إلا ف صلاتي