بعد سفره إلى التبت في عام 2004، وتذوقه شاي زبدة الياك، عاد رجل الأعمال والمؤلف الأميركي ديف أسبري إلى بلاده، ليخطط لتصنيع مشروب القهوة بالزبدة، والبدء ببيعه في عام 2012، تحت اسم “بوليت بروف” (Bulletproof)؛ ليحظى بشعبية واسعة في أنحاء الولايات المتحدة والعالم، وخصوصا بين مُتّبعي “حمية كيتو”.
وتتكون الوصفة الأصلية لكل فنجان من هذه القهوة، كما هو موضح على مدونتها؛ من حبوب البن المطحونة حديثا، وملعقة كبيرة من زيت جوز الهند، و1-2 ملعقة كبيرة من الزبدة غير المملحة؛ تُمزج في الخلاط لمدة لا تقل عن 20-30 ثانية للحصول على قهوة ذات رغوة كريمية تشبه اللاتيه، وتقدم دافئة.
ولأنها كانت تُعدّ منتجا جديدا نسبيا، لم تقم إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بتقييمها حتى الآن. لكن موقع “ميديكال نيوز توداي” (Medical News Today) ذكر في عام 2018 أن الأشخاص الذين يشربونها قالوا إنها تُبقيهم نشيطين طوال النهار، وتجعلهم يشعرون بالشبع لفترة أطول، وتعزز قدرتهم على التركيز، بالإضافة إلى فائدتها في إنقاص الوزن، لمن يتبعون نظاما غذائيا منخفض الكربوهيدرات. وذلك يجعلنا نضع الأدلة على الفوائد والأضرار المحتملة لهذه الوصفة من وصفات القهوة بين يدي من يفكر في تجربتها.
ليست الأفضل للجميع
فقد عاد موقع “ميديكال نيوز توداي” ونَبّه إلى أن “قهوة الزبدة قد لا تكون الأفضل للجميع، فهي تحتوي على نسبة عالية جدا من الدهون المشبعة، تصل إلى 85%”. ومن المعروف أن الإفراط في تناول الدهون المشبعة قد يضر بالصحة على المدى الطويل بسبب ارتفاع الكوليسترول وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وذلك استنادا إلى تحذير جمعية القلب الأميركية “بألا يزيد استهلاك الفرد على 13 غراما من الدهون المشبعة يوميا”، في الوقت الذي تتضمن فيه قهوة الزبدة ملعقتين كبيرتين من الزبدة، تحتويان على 14 غراما من الدهون المشبعة (الملعقة الكبيرة من الزبدة غير المملحة تحتوي على نحو 7 غرامات من الدهون المشبعة)، وهو ما يتجاوز الحد المسموح به، بخلاف ما قد يتناوله المرء من أطعمة أخرى تحتوي على دهون مشبعة.
لا تصلُح بديلا للإفطار
أسبري “البالغ من العمر 48 عاما، ويأمل أن يعيش حتى يصل عمره إلى 180 عاما”، والذي أنفق حتى الآن مليون دولار ليحافظ على نظام صارم للتمارين الرياضية؛ بعد اعتلت صحته، وبلغ وزنه نحو 136 كيلوغراما في عام 2004، روّج لفكرة أن قهوة الزبدة تعدّ بديلا لوجبة الفطور. ولكن موقع “هيلث لاين” (Healthline) ذكر “أنها لا تتضمن عناصر غذائية كافية لأهم وجبة في اليوم”؛ فهي لا تحتوي على الكربوهيدرات، ولا البروتين، ولا الألياف، ومعظم الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم.
وتوصي أيضا الأكاديمية الأميركية للتغذية بإدراج الكربوهيدرات والبروتين والفواكه أو الخضار في وجبة الإفطار، وذلك يجعل قهوة الزبدة طريقة غير متوازنة لبدء يومك، حيث من المحتمل أن تضيف إلى وجبة الإفطار مزيدا من السعرات الحرارية غير الضرورية، كما أن بعض الناس يظلون يشعرون بالجوع أثناء الصباح، إذا لم يتناولوا وجبة الإفطار.
فضلا عن ذلك، تحتوي قهوة الزبدة على كمية كبيرة من الكوليسترول كما يمكن لكمية الدهون المرتفعة فيها أن تسبب اضطرابات في المعدة، ومشاكل أخرى في الجهاز الهضمي، مثل الانتفاخ والإسهال، بخاصة لمن لم يكن معتادا استهلاك كميات كبيرة من الدهون.
لا تكفي لإنقاص الوزن
يعتقد أنصار قهوة الزبدة أنها تثبّط الجوع وتسهم في إنقاص الوزن، “من خلال المساعدة على تناول طعام أقل؛ لاحتوائها على مزيد من الدهون التي تُبطئ عملية الهضم، وتعزز الشعور بالامتلاء”.
ولكن الدراسات التي اعتمدت عليها “هيلث لاين” أفادت بأن “هذه التأثيرات تتضاءل بمرور الوقت”، وأنه لا يوجد دليل على أن إضافة مزيد من الدهون إلى النظام الغذائي من دون إجراء تغييرات غذائية أخرى يمكن أن يعزز فقدان الوزن. وذلك يعني أن تعزيز قهوة الزبدة للشعور بالشبع، ومساعدتها على إنقاص الوزن، عند استخدامها بالتوازي مع نظام غذائي مقيد بالسعرات الحرارية، “قد يحتاج إلى مزيد من البحث”.
عُشاق قهوة الزبدة يعتقدون أنها توفر طاقة ثابتة وطويلة الأمد من دون حدوث انهيار في نسبة السكر في الدم (بيكسابي)
تأثيرها على الطاقة والتركيز ضئيل
يرى عُشاق قهوة الزبدة أنها “توفر طاقة ثابتة وطويلة الأمد، من دون حدوث انهيار في نسبة السكر في الدم”؛ على أساس أن الدهون تُبطئ عملية الهضم، وأن الكافيين الموجود في القهوة قد يستمر تأثيره، بسبب امتصاصه على نحو أبطأ، مما يوفر طاقة تدوم طويلا، لكن الخبراء يقولون إن “من المحتمل أن يكون هذا التأثير ضئيلا وغير ملحوظ”. أما عن الاعتقاد بأن قهوة الزبدة “تعزز الوضوح العقلي وتحسن الوظيفة الإدراكية” فلا يوجد عليه دليل، ولكن في المقابل هناك أدلة تشير إلى أن “الكافيين الموجود في القهوة نفسها هو المسؤول عن إحداث التأثير المُتخيل بزيادة التركيز الذهني واليقظة”.
وما زال الجدل مستمرا
ما زالت قهوة الزبدة “بوليت بروف” التي بيع منها 160 مليون فنجان في 7 سنوات تواجه انتقادات من متخصصين في مجال الصحة، يقولون “إن إضافة الزبدة إلى القهوة أمر غير صحي”.
فتقول خبيرة التغذية البريطانية المعتمدة أيسلينج بيجوت “لا أوصي بهذه القهوة لأنها تعطي سعرات حرارية زائدة ودهونا زائدة من دون أي قيمة غذائية”، وتضيف “ليست هناك فائدة من إضافة الزبدة إلى قهوتك، فلا يوجد بها بروتين، ولا فيتامينات، ولا معادن”.
ويرى خبراء آخرون أن “شرب قهوة الزبدة باعتدال ليس ضارا، وخصوصا لمن يتبعون نظاما غذائيا منخفض الكربوهيدرات”، وقد يكون مفيدا للصحة أيضا؛ حيث تحتوي على عناصر غذائية مهمة مثل فيتامين “أ” (A) الضروري لصحة الجلد والمناعة والرؤية الجيدة، لكن إضافة كثير من الدهون المشبعة إليها هو ما قد يضر بالصحة، بمرور الوقت.
ويضيفون أن “تناول كوب من قهوة الزبدة مع وجبة فطور صحية من وقت لآخر قد لا يكون ضارا بالصحة بوجه عام إذا تم تقليل كمية الزبدة والزيت المضافة إلى المشروب، للحد من الدهون المشبعة”.