ثقافة وأدب

مدثر الأزرق: إختلاجات (سِفر الأشجان)

سودان ستار

  توطئة:

“التناسب الذي بين الأرواح من أقوى أسباب المحبة، فكل امرىء يصبو إلى ما يناسبه، وهذه المناسبة نوعان : أصلية من أصل الخلقة، وعارضة بسبب المجاورة أو الاشتراك في أمر من الأمور .

فإن من ناسب قصدُك قصدَه حصل التوافق بين روحك وروحه، فإذا اختلف القصد زال التوافق .

فأما التناسب الأصلي فهو اتفاق أخلاق ، وتشاكل أرواح، وشوق كل نفس إلى مشاكلها، فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع، فتكون الروحان متشاكلتين في أصل الخلقة، فتنجذب إليه بالطبع”.

 

(ابن القيم من كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين)

 

النص:

 

في الأفقِ

سِرب حَماماتٍ تُراقبني

تَحنو علي كروضٍ

عَافه المَطرُ

 

نَم يا فؤادي

إلى حُضني

احتوي شَجني

إن الخناجر

في ضِلعيّ تَشتجرُ

 

فالريحُ من

هَدأةِ الأنفاسِ حائرةً

تَخبو الهنيهةُ

والأعماقُ تَستعرُ

 

يا كل بَعضي

أراك الصَحو نائلةً

في لُجةِ النور

تُنسيني وأدكرُ

 

بَحثتُ عن

مَلمحِ العُشاقِ فاجأني

وجهٌ تَلاطم فيه

الصَهدُ والشَررُ

 

والخوفُ يَركضُ

والأيامُ تَعقبه

إذا استبدت

وبَات القلبُ مُنفطرُ

 

مواكبُ الدَمعِ

من أجفاني

إنسربت خيوط مِلحٍ

على الخَدينِ تَنحدرُ

 

هل يسمعوا خفقة

الأشواق مُرهِفةً

ترنو إلى الصمت

في أذانها وَقرُ

 

أو يحسنوا الظَنَ

يا صاح.. إقتفي أثراً

تأسى عليه

إذا ما إصطفت الجُدرُ

 

أخالُ ظَهري

عَلى جَنبيه مِطرقة

ما رُمَ عظمٌ به

إلا وينكسرُ

 

إذا عَزمت

أتاك الحقُ في أملٍ

أو انبلجت

جَفاك العيبُ والضررُ

 

جَبانةُ العِطرِ

سَكرى والنَدى سَرفاً

ما حَام ضَوعٌ بها

إلا ويندثرُ

 

يا مُدلهمات خَطبي

فاتني جلدي

كَليلةُ العَزمِ رُوحي

كيف تزدهِرُ

 

أودعتُ حُبك

تحت الجوفِ سُنبلةً

عَشمتها بيقينٍ

غَشه بَطرُ

 

لا تَسرفي في إتهامي

يا صُويحبتي

فالنَفسُ عَطشى

وحظي منك مُستترُ

 

خرجت من مُقرن

النيلين يلفحني

ليلٌ تعامدَ فيه

الشمسُ والقمرُ

 

إذا نظرتُ

إلى حُزني تلاوعني

غاباتُ سُهدٍ

عَلى العينين تَنتشرُ

 

أو انثنيت

إلى أعلى تصافقني

أقدارُ رَبي

والآمالُ تَحتضِرُ

 

أو انحنيتُ عَلى

نَعشي لتَحضنني

أرضٌ تَخاصم فيها

الرملُ والحجرُ

 

مَندوحةُ العِشقِ

بالإحوالِ كاذبةً

يزيدها العَسفُ

والتبريحُ والنُذرُ

 

فكلما قام فيها

شاعرٌ فهقٌ

وقال يا عُذر احملني

ولا عُذرُ

 

وكلما صَاح وجدٌ

وانتشى وجعٌ

هَدهَدته كمصابٍ

عَاده القَدرُ

 

طَوقُ الضَلالاتِ

في عنقي يُقيدني

هَاج المِلالُ به

واستحكم الضجرُ

 

لا عَاصمَ اليوم

من ذكراكِ أدلقها

بين الحشاشاتِ

تُفنيني فأنصهرُ

 

مولاي غِثني

ضعيف هَدني رَهقي

إني ببابِك

(مغلوب فانتصر)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى