كتابات

هبة النور – الحب يصنع المستحيل 

 

أَخْبَرتُهُ مُنذُ أَولِ لقاءٍ بيننا أنني خجولة جدًا، وأنَّ جرأتي خلف الشاشات فقط، احترمَ رغبتي جدَّا، أحَبَّني بِرغمَ العُقدِ النَّفسية التي كُنتُ أَملِكُها؛ حساسيَّتي الشديدة، غيرتي العَمياء، أحسستُ بالذَّنب أن كيف لِمثلهِ بِمثلي! تدرَّبت كثيرًا على المخاطبة، خرجتُ إلى أماكِن غريبة لِأول مرة وتحدَّثتُ مع عشراتِ الأشخاصِ الغرباء كان صعباً على فتاة انطوائية فِعلها لكِّني كنت مستعدَّة لأفعل المُستحيلَ كي أُسعدهُ، وبعدَ سنين من التدريب وساعاتِ من السهر المتواصِلة أمام المرآة، أحسستُ أنني مهيأة لأن ألتقِ به، راسلته :

 

 

 

أَعلمُ أنَّ زمن الخِطاباتِ ولّى وأن الرسائل المكتوبة أصبحت عتيقة، في ذاكَ العهد كان كل شيء نقي وكان حبهم صادق لذلك اردت أن أجعل هذا الحدث مميز، ما لايخفى عليك يا خاتمةَ الهوى أنني أنطوائية ولكِنَّني بحجم انطوائيتي أحبكَ وأكثر، تخيّل أنك الأمان لشخص لايؤمنُ به إطلاقاً، شخصاً لا يثِق حتَّى في نفسه يعود ليتأكد إذا أغلق الباب جيدًا أم لم يفعل، يُعيد حساب النُقود ثلاث مراتٍ قبلَ دفعِها علَّهُ أخطأ عدَّها، هذا الشخص سلمك أغلى مايملك سلمك قلبه، شخص أناني حرم أغلى شخصاً على قلبهِ مِن أن يراه، أخبرتكَ سابقًا أنني سأفعل المستحيل لتسعد وها أنا افعل المستحيل وأُريد أن ألتقيك، بِكُلِّ رضى العالم ودون أدنى ضغط أو جَبر.

 

وركضت أحملُ قلبي في ظرفٍ وأضحك أحسستُ أن عِبئاً كان يؤرقني قد زال، سلَّمتُ الظرف لي حارِس الشَّرِكةِ أسفلَ العمارة، وطلبتُ منه تسليمه إياه

 

هنا السَّاعات توقفت والزَّمن أصبح يحبو .. وبعدَ سِتة ساعاتِ ونص من مرارة الانتظار أرسل رسالة نصِّية :

 

” أعددتُ لكِ خِطاباً مِثله وتركته عند عم خالِد على بُعدِ شارعين مِنكم”

 

رُحتُ أجري رغم تحذيراتِ السَّائِقين وأصوات أبواق السيارات واصلتُ السير؛ هم لا يعلمون ما انتظر، استلمت الظرفَ من العم خالد وأنا في قمة سعادتي حضنتُ الظرفَ وخرجتُ مسرعة تذكرتُ أنني لم أشكر العم خالد، عدت وشكرته وجدته يضحك وقال: (جَمال الحُب) جمع الله بينكما

 

 

 

وصلت المنزل مزقت الظرف تمزيقًا :

 

إلى التي اصبحتُ بِفضلها شخصًا آخر أما بعد أنتِ لا تعلمين حجمَ ثرائي بِصُحبتك، شخص بِصلابتي كان يحتاجُ إلى لِينك، وحدكِ من آوي إليها مَكسورًا فتجبرني وحدَكِ من ترى حقيقتي

 

أما عن اللقاء بك؛ فمنذ أن عرفتك وأنا ألتقيكِ عند كُلِّ بائع ورد وعلى أول أغانيك، تمنيت فقط أن أرى ابتسامتكِ عيانًا وها هو حُلمِي تحقق.

 

 

 

تلاقينا في حدائِق الخريف التي تُطِلُ على النَّهر

 

كُنتُ أجلسُ أمامهُ مباشرةً، وكُلَّ ما أعددتهُ من كلامٍ تبخر وكلَّ سنواتِ التدريب ولَّت هباءً منثورًا سألني:

 

-كيف حالك؟

 

= فأخبرته أن جدتي مريضة وأن هرَّتنا هربت وأنني أحبُ اللون الأسود.

 

– ابتسم ابتسامة دافئه ثمَّ أخذ بقليلٍ من الكِريمة وضعها على انفه وأصبح يفتعل أصواتً غريبة أصبحتُ أضحك بهستيرية وجميعُ الحاضرين كانوا ينظرون

 

أخرجتُ منديلاً من حقيبتي ليمسحَ وجهه وقلت أحبك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى