لا أريدُ أنْ أصيرَ مثلكَ يا أمي
أنْ أستمرَ بالعطاءِ
بلا مقابل
وأمرضَ بالصبرِ والسلوانِ كحقيقة مؤكدة
تنبعُ منْ رحمي
ولا أنْ أحملَ جراحُ قلب الحدث
كمهمة مؤبدة
لا أريدُ أنْ أحبل وهنَ على وهنٍ
لمرات متتالية بلا توبة
ثمَ أخيرا أجثو على نفسي كالبنفسجةِ الذابلة
في أرضِ الواقع
لا أريدُ أنْ اعطي واعطي واعطي
كغيمةٍ تنكرها أرضَ الصحراءِ
ولا تنبتُ تحتها وردةٌ
أخافَ يا أمي
بأنْ تبحرَ أيامنا نحوَ الوحدةِ
ولا نحصدُ كلانا بعدها
سوى الخذلانُ كإرث
أريد يا أمي أنْ أكونَ وحيدةً
لا أحبل بوهنٍ على وهنٍ
ولا يصيبني عضالٌ الأمومةِ
ولا ثقلها ومشقة كوابيسها الأبدية
ولا أنْ يرضعَ الأجنةَ منْ مشيمةِ رحمي العطش
ولا أنْ يأكلَ أبنائي منْ كبديٍ إنَ جاعوا
ولا أريدُ أنْ اختارَ بلحظةِ حبٍ عابرةٍ
الحياةِ لطفلةٍ حاربتْ ملايينَ النطفِ
لتولدَ
ولتصير كما أنا
وليدةُ الصدفة
تقودها الحياةُ نحوَ الغرقْ
لا أريدُ أنْ أصيرَ مثلكَ يا أمي
تحصدينَ وسامُ البطولة
في رياضة الغرق في بحرِ الأمومة
أنتِ النبية
لا نبية الا أنتِ
لا نبية الا أنتِ
لا أريدُ أنْ أكونَ مثلكَ يا أمي
أنَ البس خاتمَ ارتباطي بالعطاء للأبد
و
لا أريدُ أنْ أصيرَ مثلكَ يا أبي
أنْ لا أستمرَ بالابوة
بلا مقابل
ان اشتري كيلو الخبز بقرض بنكي لا ينتهي
وان ابيع حذاء العسكرية
لتدفئ اركان بيتك
لا أريدُ أنْ أحبل بحزن على حزن
بكامل رجولتك
وعظمة حنان الأم الحلوب
لمرات متتاليةٍ بلا مخاض
ثمَ أخيرا أجثو على نفسي كجثة
لا قبر تأوي به
لا مثوى أخير لتعبها الماضي
لا أريدُ أنْ اعطي واعطي واعطي
كوردة في بستان اعمى
ماتت عطشا
لا أريد أن أصير مثلك يا أبي
انت الذي حصدت وسام البطولة في رياضة الركض خلف لقمة العيش
أنت النبي
الذي أطعمتنا منْ جوعِ
وآويتنا منْ بردٍ
وامنتنا من جزع
ولمْ تطلب منا عبادتكَ
لا حبيب الا أنت
لا حبيب الا أنت
لا أريدُ أنْ أكونَ مثلكَ يا أبي
لا أريد أن أصير مثلك يا أمي
سأختارُ حريتي…
سأختارُ حريتي
زر الذهاب إلى الأعلى