ثقافة وأدب

أبية الريح – جربت أشياء عديدة

سودان ستار

جربت أشياء عديدة

جربت أن أركض وراء الرياح

لكن الرياح كانت أسرع مني

ضحكت في وجهي وقالت . .

أنا لا أحتاج إلى ساقين

أنت لا تعرفين كيف تكونين مجنونة بما فيه الكفاية.

حاولت أن ألامس السحاب

لكنه كان يتساقط مني كالزجاج

ثم تبعني المطر

كأنه كان يسخر مني

قائلا: هل تعتقدين أنكِ قادرة على المضي قدمًا؟

 

جربت أن أحتسي الشوق ككوب من الشاي

لكن الشاي كان مغليًا جدا

حرق فمي

ثم ضحكت وقلت: أيها الحزن هل تجلس معي اليوم؟

لكن الحزن كان يرقص على طاولة بعيدة

مع عصابة من الأوهام

وكلما حاولت الاقتراب ابتعد أكثر.

 

جربت أن أكتب قصيدتي بالحبر الأحمر

لكن الحبر كان يختفي بين السطور

وكل كلمة كتبتها تحولت إلى رغوة

تحترق تحت قدميّ

فقررت أن أكتب بقلب مُحترق

لكن قلبي كان يغني بلحن الموت.

 

جربت أن أتسلق الجدران

لكن الجدران كانت تطاردني

تتبعني كالأشباح التي لا تُرى

وكلما وقعت كان يبتسم أحدهم من الظلال

ويقول لي: أنتِ لا تعرفين كيف تسقطين

بجنونٍ كافٍ لتعودي.

 

جربت أن أملأ فراغي بالحقيقة

لكن الحقيقة كانت تختبئ في الزوايا

وكلما اقتربت ابتعدت

وكأنها كانت تضحك في وجهي

وتقول: أنتِ لا تعرفين كيف تطاردين شيئًا لا يمكنك لمسُه.

 

جربت أن أتنفس الأمل

لكن الأمل كان كالعلكة

يعلق في فمي كغيمة معبأة

وكلما بلعت عاد إلى فمي من جديد

وكأن الأمل لا ينتهي إلا في دوامة الجنون.

هل تعتقدين أنكِ ستنجين من هذا؟

قالت الغيوم

أنتِ مجرد فقاعة في بحر الخرافات.

 

جربت أن أركب الغيم

لكن الغيم كان يهرب مني كلما اقتربت

ثم ضحكت

وجعلت من نفسي مغامرة

أبحث عن الشمس في الليل

وأدور حول الأرض كي أجد توقيعًا على وجهي

لكن الليل كان يغطيني كالوشم

ينبض بالجنون.

 

جربت أن أكون غيري

لكنني كنت دائمًا أرجع إلى نفسي

كما لو أنني كنت مسجونًا في مرآة لا نهاية لها

كلما حاولت الهروب

عادت صورة وجهي لتسخر مني

قالت لي: أنتِ عاقلة بما يكفي لتكوني مجنونة.

 

جربت أن أكون بدونك

لكن كل شيء حولي كان يصرخ باسمك

حتى الهواء كان يهمس لي: هل نسيتي؟

وأنا كنت أضحك

وأقول: أي جنون هذا؟

أين أنا؟

وأين أنت؟

لقد جربت كل شيء

لكنني لا أستطيع الهروب من هذا الجنون الأبدي!

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى