
لو بالصد أبيتيني
ولو بالنار صليتيني
أنا لا ما بنساك
لو حاولت تهجرني
أو تنساني من تاني
أنا لا ما بنساك !!!!!!
كلمات رصينة للشاعر الكبير إسماعيل حسن، استمعت لها من بالطنبور، ورقص الحضور أجمعهم وتمايلوا طرباً.
بالفعل، النسيان نعمة من نعم الله علينا للخروج من الذكريات الحزينة، ولكل منا ذكريات تحملها الذاكرة، بعضها جميل والبعض غير ذلك، وكلاهما يبقيان في الذاكرة.
لذا، من كان ينتظر أن تختفي أو تزول بعض الذكريات غير المرغوب فيها، ربما لا يستطيع نسيانها مثل التحسر على الفراق الأبدي، وهذا صعب جداً.
وأنا شخصياً حتى الآن لم أستطع نسيان أمي التي توفاها الله قبل ثمانية عشر عاماً، أى والله، خيالها يتماثل أمامي أينما كنت وحيثما ذهبت، لأنني بمجرد وفاتها فقدت الحنان الدافق والحنية، وصرت وحيداً لا أحد يحس بألمي وما أعانيه.
حتى عندما كنت أمرض، تحس بي وتتصل تلفونياً برغم البعاد وتقول لي:
“حسيت بيك يا ولدي، ماك مرتاح، لعل ما عندك عوجة…”
أي والله، هذا الذي كنت أسمعه منها، لذلك لا أنسى فراق أمي حتى مماتي.
وعدم نسياني لهذه الواقعة أعتبره نعمة من نعم رب العز والجلال، وذلك للدعاء لها بالدعوات الصالحات، وأتصدق، وهذا لعلمي نوع من البر.
شعراء الأغنية السودانية ورد “النسيان” كثيراً في أشعارهم، وبرزت أغنيات التحسر على فراق الأحبة بكثرة، ومن بينها:
“قالوا لي أنساهو، وأمسح من خيالك ذكرياتو، وانسى كل الماضي، وابعد عن طريقو وعن حياتو…”
وفي السياق، توالت الكلمات الصادقة والمعبرة التي تمحورت في عتاب الحبيب على عدم السؤال عن محبوبه، مثل:
(عشرة الأيام ما بصح تنساها، كأنو ما حبيتني، وكأنو ما عشناها)
و
(يا ناسينا، يا مجافينا، حن علينا)
و
(رحلتوا بعيد، نسيتوا الريد، والحنان، والعشرة الجميلة، والسعد اللي كان)
أتساءل ببراءة:
هل نمتلك حرية النسيان؟!!
بحيث نبقي الذكريات الجميلة ونلغي الذكريات المؤلمة!!!
لا شك أن العقل يحتفظ بالذكريات كشريط سينمائي لدينا، ولكن زوّد الله الإنسان القدرة على النسيان أيضاً لمن أراد أن يتخطى ذلك.
إذاً، الذي علينا فعله هو مواجهة الشعور المؤلم، وعدم الهروب منه، فلا بد من الجلوس مع أنفسنا كثيراً، ونتعرف على تلك المشاعر المؤلمة المدفونة في داخلنا، ونواجهها ولا نقاومها، ونفصح عن كل ما يدور في الوجدان، ثم نقرر…
ختاماً،
أقتطف لكم من كلماتي الآتي:
أنساني وأنساك الوداع
واياك تقول حيرتني
أنا أصلي مخلوق للعذاب
ماك البراك عذبتني
غرقني في بحر الحزن
قول للصحاب جننتي
ورسيني في شاطي الوجع
زي ما قبيل فرحتني