كتابات

عزيز الدود: كأس من الغضب

سودان ستار

هاتوا كأسًا من ذلك الخمر المعتَّق!

 

أسقوني جرعةً تُغرق همومي، وتُسكِّن لوعة قلبي، وتُنسيني وَحشة هذا الزمن البائس.

 

أفيقومُ أحدٌ من أصدقائي، جيراني، أو أهل المروءة في هذه البلدة الغارقة في الأحزان؟

تعبتُ من التفكير، أعيَتني رؤية شعبٍ يُدفعُ إلى الهاوية وهو يُصفِّقُ لجلَّاديه!

 

ولئلا تخطئوا فهمي، فإني لستَ من سكارى الخمور، ولا جرَّبتُ الممنوعات، لكنَّني اليوم أريد أن أختنق بها — ربما لأجد في غيبوبتها راحةً من هذا الواقع البشع.

 

يا ليتني أموت! فأستريحَ من ثقل هذا العبء، من دمار السودان ومآسيه، ومن المصير الأسود الذي ينتظره بين أنياب المتأسلمين المتوحشين.

 

لا أتحمل رؤية الوطن يُذبحُ مرةً أخرى على مذبح الجبهة الإسلامية.

كيف أستسيغ أخبار المجازر التي ترتكبها مليشياتهم، برعاية الجيش الذي اختطفوه ليكون غطاءً لجرائمهم؟

 

الأمرُّ من الدماء هو غباء شعبنا المسكين، الذي صار يبرر للطغاة، ويشرعن جرائمهم، حتى أصبح هو الوقود الذي يُغذي نار حربهم!

 

تراهم يتجادلون بحماسٍ كأنهم في مهرجان، يمجدون الجيش وعصاباته، وكأن ثلاثين عامًا من حكم الكيزان لم تكفِ لفتح أعينهم! دمروا الأرض والإنسان، مزقوا الوطن، حطموا النسيج الاجتماعي حتى صار الأخُ يلتهم صديق طفولته وأخاه!

 

وبعد كل هذا، ما زال البعض يراهن على الجيش، ذلك الوحش المسخَّر لخدمة الجبهة الإسلامية. إنه حصان طروادة لهؤلاء الأوغاد، لكن الشعب — للأسف — أشبه بجثةٍ هامدة، لا تشعر ولا تثور، تُركلها الأقدام وتُهانُ أمام أطفالها ونسائها.

 

هم وحوشٌ متعطشة للدماء، مصابة بداء السعار، لكنَّ الجنون الحقيقي هو أن الشعبَ أشدُّ جنونًا منهم!

 

هل أحضرتم الكأس؟!

 

لا… انتظروا.

لا أريد خمرًا بعد اليوم… بل سمًّا نقيًا.

 

فربما تحت التراب راحةٌ لا أجدها هنا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى