تقارير

تطورات عسكرية ودبلوماسية ويجد المدنيين أنفسهم بلا نصير

سودان ستار

تقرير: الكاظم هـرون

 

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، واحدة من أكثر فصول الحرب السودانية قسوة، حيث تتقاطع الخطوط الأمامية للمعارك مع حياة المدنيين، الذين وجدوا أنفسهم في حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أشهر، في وقت يزداد فيه الإحباط من بطء التحركات الحكومية وضعف الاستجابة الإنسانية الدولية.

 

تجاهل حكومي يثير استياء الجنود

 

رغُم خطورة الوضع، تشير تقارير ميدانية إلى أن الحكومة المركزية لم تقدّم حتى الآن الدعم اللوجستي الكافي للجيش والقوات المشتركة داخل المدينة، وقد انعكس هذا الغياب في شكل حالة تململ واضحة بين الجنود، الذين يواجهون نقصًا في الإمدادات ويخوضون معارك يومية مرهقة ضد قوات الدعم السريع، في ظل تضاريس معقدة وضغط متزايد من السكان المحليين الذين يطالبون بالحماية وتأمين الإغاثة.

 

مناوي بين الدبلوماسية والواقع

 

في موازاة الأزمة الميدانية، اتجه حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إلى الساحة الأوروبية في مسعى للفت الانتباه الدولي إلى ما يجري في الإقليم. وخلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، التقى بعدد من مسؤولي وزارة الخارجية الفرنسية، وناقش معهم الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه المدنيون في الفاشر.

إلا أن هذه التحركات، بحسب محللين، تظل أقرب إلى محاولات كسب التعاطف السياسي دون نتائج ملموسة، إذ لا تزال المدينة تحت الحصار، ولا مؤشرات فعلية على تحرك دولي فاعل لإنهاء الأزمة.

 

موقف باريس: إدانة بلا آليات

 

أصدرت الخارجية الفرنسية بيانًا أدانت فيه الحصار المفروض على الفاشر، داعية إلى “فتح ممرات إنسانية عاجلة” لإيصال المساعدات.، ورغُم قوة الموقف الأخلاقي للبيان، إلا أن غياب آليات التنفيذ يجعل هذه الدعوات تضاف إلى سلسلة بيانات سابقة من المجتمع الدولي لم تغير واقع الميدان.

 

روايات متضاربة من خطوط النار

 

في تطور ميداني جديد، بثت قوات الدعم السريع مقطعًا مصورًا أعلنت فيه سيطرتها على مواقع جديدة داخل الفاشر. غير أن مصادر قريبة من الجيش السوداني نفت هذه الادعاءات، مؤكدة أن المعارك ما تزال في حالة “كرّ وفرّ” دون تغيّر جذري في ميزان السيطرة.

وشهدت المدينة عقب صلاة الجمعة اليوم تصعيدًا خطيرًا، إذ اندلع قصف مدفعي متبادل بين الجيش والدعم السريع، هزّ الأحياء السكنية وأجبر مئات العائلات على البقاء في الملاجئ المؤقتة وسط خوف من انهيار هدنة إنسانية كانت قيد النقاش.

 

المدنيين… ضحايا الصراع وصمت العالم

 

في خضم هذه التطورات العسكرية والدبلوماسية، يظل المدنيين في الفاشر هم الحلقة الأضعف، فالمواد الغذائية باتت شحيحة، والمرافق الصحية مشلولة، فيما يواجه السكان صعوبة في الحصول على مياه الشرب والدواء، ويخشى ناشطون محليون من أن يؤدي استمرار الحصار إلى كارثة إنسانية على نطاق واسع إذا لم تُفتح ممرات إنسانية بشكل عاجل وتُقدّم ضمانات أمنية لوصول المساعدات.

 

تكشف أزمة الفاشر عن ثلاثية معقدة: حصار عسكري خانق، تجاهل حكومي لإحتياجات الجنود والسكان، ودبلوماسية دولية عاجزة عن صناعة الفارق، وبينما تستمر المعارك في استنزاف الطرفين، يزداد الخوف من أن يتحول المشهد إلى مأساة إنسانية مفتوحة على كل الاحتمالات، ما لم يتم التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين العالقين في دائرة النار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى