قراءاتكتاباتمقالات الرأي

مازن اسماعيل يكتب: الحرب في السودان بين أوهام النصر

سودان ستار

(نصرٌ من الله وفتحٌ قريب)

“قراءة في آية “النصر من الله”

سبب نزول هذه الآية لم يكن للنصر في الحروب، بل كان النصر بدخول الناس في دين الله أفواجًا. سورة الصف سورة مدنية، ونزلت كأنها لوداع رسولنا الكريم، وهي تختلف عن السور المكية التي تهتم بالتوحيد والجهاد، في حين أن السور المدنية تنظم حياة الناس وتعينهم على الحياة الكريمة المتمدّنة.

 

لقد لاحظنا استغلال آية النصر في غير موضعها؛ فالنصر الحقيقي هو إدخال الشعب في السلم، لا في الحرب. ارجعوا لسورة الصف، وآية النصر، وسبب نزولها.

 

سبحان الله، كلما أقرأ هذه الآية التي يرددها مؤيدو الحرب، أحسّ بالامتعاض والإحباط الأكيد بسبب الاستخدام الخاطئ لها، وتشويهها بجهالة أو تعمّد.

 

الحروب اليوم لا منتصر فيها؛ فقد تطورت أدواتها ووسائلها. للأسف، قادة الجيش محدودو المقدرات الأكاديمية، ومعلوماتهم قديمة جدًا. لقد فشلوا في توضيح معنى الحرب داخل الشعب الواحد، كما فشلوا في بناء جيش يحمي الوطن ويعبّر عن عظمة هذا الشعب. كان من المفترض أن يوضحوا للشعب معنى الحرب الحديثة دون مواربة أو تدليس، وإن كانوا لا يعلمون، فليسألوا أهل العلوم العسكرية والسياسية المستقلين.

 

للأسف، هناك جموع تطبل للحرب، خاصة التيارات الإسلامية، دون دراية بالنهايات المفتوحة. يؤكدون على إبادة الجنجويد، ويتوعدون الشعب بالحرب حتى مئة عام، ولآخر جندي! هذا الخطاب والسلوك يتنافيان مع الفطرة السليمة والإنسانية. لقد تناسوا الإسلام والقرآن والسنة، وما فيها من صلح وسلام وأمن وعدالة وتعمير، وحق الأجيال في العيش الكريم.

 

كل الدراسات العسكرية الواقعية تؤكد استحالة حماية البنية التحتية في السودان من الضرر، بسبب الضعف الاقتصادي، وبعده عن التكنولوجيا. حتى إسرائيل وروسيا لم تستطيعا حماية أجوائهما. هذا غير المساحات الشاسعة، خاصة في قطاع الكهرباء وخطوط النقل، التي يصعب حمايتها.

 

عليه، استعصمت الحكومة السودانية بمدينة بورتسودان، ظنًا منهم أنها بعيدة عن مدى المسيّرات، فمدّوا أرجلهم وأصبحوا بمنأى عن الحرب!

 

للأسف، هناك عدد كبير من النافذين والرسميين يتكسبون من استمرار الحرب يوميًا، فأصبحت مصدر دخل. أيضًا هناك مواطنون وأصحاب عقارات تبدل حالهم، وأصبحوا لا يطيقون كلمة “سلام”. وعليه، تم إغلاق باب الحوار، وأصبح مجرد الحديث عن السلام جريمة.

 

الحكمة مطلوبة في مثل هذه الظروف، مع ضرورة محاسبة كل مجرم حتى لا يتكرر المشهد مرة أخرى. ومع ذلك، يجب أن تُمنح بعض الحصانات للمجرمين في المستويات القيادية، حتى نضمن سلامًا دائمًا. نعم، هذا يتعارض مع العدالة، لكنه ضرورة للخروج من هذا المأزق.

*نحتاج رأي أصحاب العلوم العسكرية والاستراتيجية والدينية.

دمتم بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى