– سيرة أدبية لحجازي سليمان حجازي
بين مناظر الطبيعة الخلابة وفطرة الكون، بين لوز القطن وسنابل القمح وأصوات الطيور المهاجرة أيام الحصاد ، وبين مياه الخريف وآمآل الزراع، تمخضت الحياة وكانت لحظات ميلادي، ولدت في أسرة تحفها السعادة والبساطة والمحبة، أكثر ما يميز أبي أنه يحب عمله ويخلص له ويحب أن يرآني شخصًا ناجحًا، وأمي تعينه على ذلك وتزرع في قلوبنا الأمل في كل المواسم، فينبت زهر دعائها بلسمًا في كل الأوقات، ليتني اكون كما يريداني أن أكون.
درست بمدرسة القرية مرحلة الأساس، ثم المناقل الثانوية، منذ الصغر وأن هناك كلام يدور في صيرورتي وتكويني.
وليس كجان بول سارتر حين قال، يبدو لي أن كل ما اعرفه عن حياتي تعلمته من الكتب.
فأنا كل الذي اعرفه تعلمت معظمه من الحكي وحياة الناس، فمعظم الناس قصاص بطريقة أو بأخري شخذت الذاكرة ورفدت العقل.
حالة السرد التي تتلبس أي شخص ماهي إلا جمل قصيرة نمت داخل إلى إن صارت بهذا الطول، إلي أن وصلت بطون الورق فكان سردًا تتبعه عيون القراء
حجازي سليمان حجازي
السودان – الجزيرة – المناقل
قرية عبدالرحمن
– لماذا القصة القصيرة جدًا بالذات يحويها هذا الكتاب؟
لأن القصة القصيرة جدا، هي هاجس دافع للتأمل، وإدارة حوارات الذات التي تنشب عن أسئلة وجودية تفرضها النظرة التأملية في الكون ومشاهدة الصور المتجددة بأستمرار، والطافية في سطح محيطه العميق،
وكيف لعدد من الكلمات بهذه البساطة أن يجعلك في مدارات الكون وبكل زواياه التي ترى فيها الأشياء بنظرات تأملية، وإن تمددت لملأت عليك الورق حبرْا وسكينة..
بإعتبار أن الهمس معالجة للضجيج في حنجرة عصفور مهاجر، يألفه الظل والذكريات.
فقد يعتبر الهمس جزءْا مهمًا من نص الكلام المطول المشبع بالحكي،
فهو حالة سردية مصغرة تحتمل الإصغاء ويحتمل أن يكون جانبًا خفيًا من الحكايات..
– هل حدثتنا عن كتابك الذي صدر مؤخرًا وما دلالة الأسم (ميتا همس).
مجموعة قصصية بها عناوين متعددة صدرت عن دار الأجنحة للطباعة والنشر اشكرهم جميعًا على التعامل مذ بداية التعاقد إلى لحظة الميلاد.
أما عن دلالة الاسم .. مِيتا همس..
بالعودة إلي الأصل ستكون هنا وقفة للكشف عن اللون الذي رشقت به اللوحة قبيل جفاف الريشة.. وسنرى ومضات تعلن عن وصفات بالغة الدقة، وللآذآن فائقة الإصغاء يأتي من هناك صوتًا محددًا وكأنه أول أطوار الحديث لذا سيكون همسًا ناعمًا في آذن الفجر ليرافق أشعة الشمس وتكون فوضى النهارات..
إن التأمل المسمى بالميتافيزيقى ليس في الحقيقة سوى أصفى شكل من الميل إلى الوحدة وسد الثغرات الموجودة في لوحة الكون والبحث عن تفسير موحد عن العالم خارج نطاق العلم..
التفكير المتماسك لإيصال رؤية واضحة المعالم دقيقة الحدود.
ولماذا ترد عندك كلمة ظل وما هو معنى الظلال في حروفك؟!
الظل، رفيق، وفي، نبيل، لن يعرف الهرب ، سيلازمك وإن فارقك جميع من في الأرض، سيظل رفيقًا في كل الخطى، لن يخونك وإن خانتك قواك، واصبحت عديم الحركة. فإنه يعكس كل تفاصيلك. ويوحي لك بمايجيش بالدواخل وربما يربت عليك عند غياب الكل عنك،
لو تأملته تمامًا ستجده خارجًا من عين أمك، مباشرة من بؤرة قلبها وهي تلوح لك،
لذا لن تهزم المسافات نظراتها، ولن يبعدها عنك تمدد الرمل في الطريق، يصل صوتها وإن لم تعني ذلك، كهمس يرافق الدعاء ودمع يسيل على طول الطريق و أمل يحدوه سرب الأمنيات، ترى وتصبحك الخضرة.
– كيف ترى النص بعد أن تكتبه مباشرة؟!
وبإعتباري أنا ذاك القارئ الذي ابحث عن كلمة تضمد جراح الزمن، فيقودني حدسي إلى ماهو يحقق ذلك. فإن وجدتني بين ضفاف نصوصي فهذا يعني إن قد اصبت واتفقت ذائقة القارئي من ذائقة الكاتب، وربما اخرج من هناك مباح المشاعر ومشرع باب الكتابة من جديد.
– ماذا يعني الزمن لديك؟
الزمن شيء لا يمكن وصفه ولو استطعنا ذلك عن طريق الحكايات في خبايا الدهر، فالزمن سر عظيم يتسرب من بين إنامل الحياة، فيذهب إلى حيث لا مكان ولا عودة، للمتأمل هو يشاهد لوحة الذكريات ربما لن تجف دموعه..
كما وصفته الأديبة التركرية إليف شافاق في جزيرة الأشجار المفقودة.. على إنه طائر مغرد، وسعك أن تأسِره، شأنه شأن أي طائر مغرد، يمكنك أن تحبسه، في قفص لفترة أطول مما تتخيل، بيد أن الزمن لا يمكن السيطرة عليه إلى الأبد الآبدين، فلا يوجد أسر يدوم إلى الأبد.
وقد نتجرأ ونفعل تحيده وتحيزه لفترة قد تطول أو تقصر فيها الحكاية، فالزمن السردي له مآلات من الأحداث والشخوص الذين يجوبون أروقته..
