أخبار محليةتقارير

تقرير مفصّل عن أوضاع سجن ود مدني بعد سيطرة الجيش

سودان ستار

تقرير: رحاب مبارك سيد أحمد

عضوة المكتب التنفيذي – محامو الطوارئ

 

يروي النزيل السابق بسجن ود مدني (ي،ق)، الذي قضى قرابة 55 يومًا في المعتقل، أنه كان ضمن حوالي 7000 نزيل، وقد تعرض للضرب والإهانة والجوع، وظل قابعًا في السجن دون أي اتهام واضح طوال تلك الفترة، إلى أن تم الإفراج عنه مع نحو 2000 نزيل، بعد بدء وكلاء النيابات في إطلاق سراح المئات عقب فضيحة الموت الجماعي التي وقعت داخل السجن بسبب تفشي الكوليرا، والتعذيب، والجوع، وانعدام الرعاية الصحية.

 

ويذكر النزيل أنه شهد وفاة 137 سجينًا جراء الكوليرا والتعذيب، كما تم إدخاله إلى المستشفى لمدة 22 يومًا، وحين عاد إلى المعتقل وجد عددًا مماثلًا قد توفي خلال فترة غيابه. وأكد أن معظم الوفيات كانت بسبب الغيبوبة الناتجة عن مضاعفات مرض السكري، فيما توفي بعض السجناء ودُفنوا بملابسهم، وآخرون تم رميهم في الماء. كما أُصيب عدد من المعتقلين بالعمى والجنون، وبعضهم تعرّض لفشل كلوي نتيجة التعذيب.

 

وقال (ي،ق) إنه احتُجز في ثلاثة معتقلات مختلفة، أولها معتقل في حنتوب بعد الكبري مباشرة، وثانيها خلية تابعة لاتحاد المزارعين، حيث تم استخدام قاعة كمعتقل قُتل فيه مواطنون بسبب الزحام، إذ كان 77 معتقلًا في غرفة ضيّقة دون تهوية. الطعام كان عبارة عن “مديدة فتريتة” بلا ملح، مما أدى إلى وفاة بعضهم بسبب فقر الدم، وآخرين بسبب الضرب، حيث كان هناك نحو عشرة عساكر متخصصين في تعذيب النزلاء.

 

وأوضح أن التحقيقات بدأت مع أغلب المعتقلين بعد 27 يومًا من الاحتجاز، أي بعد نقلهم إلى “الخلية”، وأن معظم المعتقلين كانوا من عمال البناشر والدردقات، وكان بينهم الطاقم الطبي لمستشفى ود مدني.

 

وأشار النزيل إلى أن المدنيين الذين ظلوا في منازلهم ولم يغادروها تم تصفيتهم بواسطة قوات العمل الخاص، إلى أن تدخلت قوات درع السودان واشتبكت مع جهاز الأمن، مما أوقف التصفيات، ثم حالت القوات المشتركة دون استمرارها داخل المدينة.

 

كما ذكر أن التصفيات ارتُكبت من جهات متعددة، بما فيها الشرطة، التي قتلت شرطيين سلّموا أنفسهم لأقسام الشرطة، بعد اعتبار عدم انسحابهم مع الجيش عند دخول الدعم السريع للمدينة تواطؤًا.

 

وأضاف أن المعتقلين من المدنيين كانوا يُتهمون بأنهم “غير شرفاء” و”خونة” لعدم نزوحهم إلى مناطق سيطرة الجيش، مما أدى إلى اعتقال مئات العجزة وكبار السن والنساء والأطفال دون سن الـ16، حتى بلغ عدد المعتقلين 7000 داخل سجن مدني.

 

وتابع أن الجوع والعطش والنقص الشديد في الوزن تسبب في وفاة المئات من المعتقلين، وخاصة المصابين بالأمراض المزمنة كارتفاع الضغط والسكري، نتيجة عدم توفر العلاج، بينما كان الطعام يقتصر على “بليلة” وكوب ماء، مع غياب تام لإمكانية الاستحمام، مما تسبب في انتشار القمل على أجسادهم وأدى إلى إصابات متعددة بالحميات.

 

وأكد (ي،ق) أن أكثر من 100 نزيل توفوا بسبب الكوليرا، وأن الجثث كانت تُترك في الشمس داخل أكياس الموتى لأربعة أو خمسة أيام حتى تتعفن دون أن تُدفن، وهو ما دفع في النهاية إلى السماح لفريق طبي بزيارة المعتقل بعد تفاقم الوفيات.

 

وأشار إلى أن أغلب من خرجوا من المعتقل باتوا يعانون من عاهات نفسية، وأصبحوا مجرد هياكل عظمية، بينما لا تزال آلاف النساء والأطفال وكبار السن يواجهون نفس المصير داخل المعتقل حتى لحظة كتابة هذه السطور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى