شعر

رنيم نزار: حين تبكي البلاد في الحلم

سودان ستار

دخلتُ عتبة الحلم

فوجدتُ امرأةً ثكلى تندب

وأشلاء أطفالها تتناثر

ودماء مخاضها تسيل

في حجرها جثة طفلٍ وليد

تتوسل الأرض

أن تحتضنه بعيدًا عن آلامه

أولها قلبي لبلادٍ تسمى فلسطين.

 

ثم رأيتُ طفلةً يتيمة تختبئ

يملأ وجهها الرعب

وتغرق عيونها في أحلامٍ ممنوعة

أولتها بسوريا.

 

رجلٌ غاضبٌ حضر المشهد

يحمل السيف

يقطع الرقاب

ويلون الأرض بالدم

يسلب الزهور قدرتها على النمو

أولته للاحتلال.

 

وامرأةٌ كهلة

رأيتُها عجوزًا محدبة الظهر

تأكل رغيفًا عفنًا

وتسكن عجاف العمر

جروحها لا تلتئم

إلا في صمتٍ قاتل كانت اليمن.

 

وعصفورةٌ مكسورة الجناح

طريحةٌ في قفص المرض

تبحث عن الرياح التي تمنحها الحرية

كانت السودان.

 

طفلةٌ شقية

مجروحة الركبتين

تلبس فستان الطفولة

الملوث بالأحمر

تحاول أن تقف في وجه غدٍ لا

يعترف بالبراءة

كانت لبنان.

 

وعلى طاولةٍ خشبية

قبالةَ ثورٍ وذئبٍ وثعلبٍ وأسد

جلستُ أراقب

حمارًا يرتدي بذلةً رسمية

وربطة عنق

وغزالتين ترتعشان

فوق رقعة شطرنج يحركها الأطرافُ

بأصابعٍ ملوثةٍ بالخداع

 

صادفتُ مرآةً

فلم أجد صورتِي فيها

رأيتُ الفوضى تتنقل في الكون

بعد أن بزق الصقر الجريح

ما في قلبه

على أرضٍ غارقةٍ في الظلام

وأخذت النيران تنهش جسد الأرض

حتى انكشفت عاريةً من سترها.

 

حاولتُ جمعهم سويًا

حاولتُ أن أعيد وهم سفينة النجاة

أن أحملهم نحو الحياة

وأترك البحر يبتلع كل الشر

لكن الصحوة حطمت النهاية السعيدة

فخرجتُ من الحلم

نحو مجزرة الواقع

وتركتهم في سفينةٍ

وسط بحرٍ تتراطم أمواجه بالغضب

لم أرتعب

لم أخبر أحدًا برؤياي

فقط أخرجت البحر من عيوني

وغسلت وجهي بالدموع.

 

وامرأةٌ شمطاءُ لا في الحلم

بل بالواقع

غطت فمي

لتحبس صراخًا مخبأً

خلف هلعٍ موروث

تضخم في أحشائي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى