مقالات الرأي

عمر ترتوري يكتب: هل نشهد بداية القيامة الإقليمية؟

سودان ستار

 

تابعتُ بالأمس، الجمعة، الأخبار العاجلة والمتسارعة، وكلها تتجه نحو إيران، البلد المسلم، والدولة الإسرائيلية العبرية.

ازدادت التوترات حدّة، عندما اعتمدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارًا يُعلن أن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي.

وللمعلومية، فإن هذه الوكالة دائمًا ما تتهم إيران بعدم التعاون، لكن هذا القرار أثار احتمال تصعيد القضية إلى مجلس الأمن الدولي.

في هذه الأثناء، ردّت إيران بالإعلان عن تدشين مركز جديد لتخصيب اليورانيوم وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة. ودائمًا ما تتحدى إيران الصعاب، وهذا هو أسلوبها منذ ما بعد الشاه وحتى كتابة هذه السطور.

 

نعم، تابعتُ الضربات الصاروخية من إسرائيل صوب إيران عبر مقاطع فيديو، وقرأت كثيرًا من تحليلات لمحللين عسكريين، وعلمت أنها أدت إلى إصابة 10 أشخاص مهمين في إيران.

حينها كتبت: “الحرب بدأت”، حيث أشعلت إسرائيل الشرق الأوسط وبدأت بالهجوم على إيران، فيما أطلقت إيران أكثر من 100 مسيّرة وصاروخ كروز تجاه إسرائيل.

(بماذا تُخبّئ لنا الأيام القادمة؟)

 

وبالفعل، صدق توقعي، حيث أفادت وكالة الأنباء الإيرانية ببدء ما سمّته “الرد الإيراني الساحق” بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية صوب إسرائيل.

كما تحدّثت مواقع إسرائيلية عما سمّته “حدثًا خطيرًا جدًا في تل أبيب” عقب سقوط صاروخ إيراني، ولكنها ليست مجرد صواريخ بل كميات هائلة، وليس صاروخًا واحدًا يا “تل أبيب”.

 

ما أعلمه أن إسرائيل، في ضربتها التي بدأت بها، تعتبر الهجوم خير وسيلة للدفاع.

ولكن، حسب اطلاعي على الأحداث ومتابعاتي المستمرة عبر المواقع الإخبارية، فإن الحرب بين إيران وإسرائيل باتت تُشكّل منعطفًا خطيرًا في المنطقة، وسط مؤشرات على اتساع رقعتها وتهديدها المباشر لحياة الناس واستقرار دول الإقليم، وتطورها قد يعني دخول أطراف دولية كبرى واندلاع مواجهة إقليمية شاملة. وربنا يستر.

 

والدليل على ذلك هو أن الرد الإيراني غير المسبوق، والذي استهدف العمق الإسرائيلي بمئات الصواريخ، أظهر تحوّل المواجهة من مجرد عمليات محدودة إلى ما يبدو أنه بداية لحرب فعلية.

وللمعلومية، فإن الانعكاسات الفورية لهذا الصراع بدأت تظهر في غلق أجواء عدة دول.

 

الحق يُقال:

إسرائيل هي ابنة أمريكا المدلّلة، ولذلك تمتلك قوة جوية لا يُستهان بها، ويبدو التفوق الإسرائيلي واضحًا بامتلاكها، حسب اطلاعي من بعض المواقع، أكثر من 700 طائرة حربية، منها أكثر من 250 مقاتلة وهجومية، وعشرات الطائرات للشحن العسكري، هذا بخلاف طائرات التدريب والمروحيات الهجومية.

 

بالمقابل، يبلغ تعداد القوات الجوية الإيرانية 37 ألف فرد، لكنها لا تملك سوى عدد محدود من الطائرات الهجومية.

وقد لا تُصرّح إيران بعدد عتادها الحربي، ولكن المعلوم أنها تمتلك أكثر من 400 مطار صالح للاستخدام، في مقابل أقل من خمسين مطارًا لدى إسرائيل.

 

وللمعلومية، أفاد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بأن إيران تمتلك واحدة من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في غرب آسيا، والتي تشمل صواريخ كروز، وصواريخ مضادة للسفن، بالإضافة إلى صواريخ باليستية يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات.

تتمتع هذه الصواريخ بالقدرة والمدى اللازمين لضرب أي هدف، بما في ذلك إسرائيل، التي ضُربت بالفعل أمس وصباح اليوم السبت.

 

هذه الحرب الإقليمية ليست بعيدة عن السودان، ونحن أصلًا نعيش الحرب وتعودنا عليها: نزوح، ولجوء، وغلاء طاحن، وعدم استقرار.

إلا أن هذه الحرب الإسرائيلية-الإيرانية ستزيد الطين بلّة، لأنها تنذر بتوسّع خطير في المنطقة.

 

ومما زاد تخوّفي أن أمريكا بدأت عمليات إخلاء عاجلة لموظفيها غير الأساسيين من السفارة في بغداد، وسحبت عائلات الجنود والموظفين من القواعد العسكرية في بعض دول الخليج، ورفعت حالة التأهب في قواعدها العسكرية بالشرق الأوسط إلى الدرجة القصوى.

حتى بريطانيا أصدرت تحذيرات رسمية لرعاياها، تطالبهم بمغادرة منطقة الخليج فورًا، ونبّهت السفن التجارية بعدم عبور مضيق هرمز وخليج عُمان بسبب التوتر الأمني.

 

نحن بعيدون عن هذه الحرب، كما ذكرت أعلاه، رغم الحرب الداخلية التي أنهكت سوداننا.

إلا أن هذه المواجهة تحمل في طيّاتها تداعيات سريعة قد تطرق أبوابنا المفتوحة والمُهلهلة بسبب حربنا الدائرة منذ ثلاث سنوات.

ويبدو أننا سنشهد ارتفاعًا متوقعًا في أسعار النفط عالميًا، مما يعني زيادة مباشرة في تكاليف النقل والشحن، وهذا – حسب علمي – سينعكس على أسعار السلع الغذائية، والأدوية، والمواد الأساسية التي يعتمد عليها المواطن يوميًا.

ولا ننسى أن الدولار سيرتفع مقابل الجنيه، ما سيؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية.

 

حقيقة، كلنا خائفون من المستقبل الآتي، لأن ما يجري الآن خطير، بل إنه تصعيد شامل تتغير معه معالم المنطقة، وقد تتحول فيه الحرب من مواجهة محدودة إلى حرب مفتوحة. والله يُكذّب الشينة.

 

ختامًا:

الحرب ليست مجرد خبر عاجل على شاشات القنوات الإخبارية،

هي شعور هلعٍ يبقى للأبد في قلوب كل من عاشوا تفاصيلها،

هي قصص إنسانية تستحق أن تُروى.

وهناك كتب عديدة نجحت في أن تنقل لنا تفاصيل الحروب والأزمات الإنسانية التي تخلفها،

ومنها كتب بتوقيع مراسلين ميدانيين، كتبوها بلغة تمزج بين الصحافة والأدب.

 

في النهاية: لا للحرب، ونعم للسلام.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى