
(وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) صدق الله العظيم
كلما استمرت هذه الحرب الفاجرة، وازدادت مآسيها، كشفت عن طبقة من الوجه القبيح للإخوان المسلمين، فاجأت حتى من أساءوا بهم الظن، ومع ذلك لم يخطر على بالهم، أنهم يمكن أن يصلوا هذا الحد من السوء!! لقد قطعوا الرؤوس، وذبحوا المواطنين بالسواطير، وبقروا بطون النساء الحوامل، وقفلوا التكايا التي كانت تقدم الطعام للجوعى، واعتقلوا، وقتلوا الشبان، الذين تطوعوا فيها، وفي المراكز الصحية، وقاموا أخيراً بنبش القبور، واستخراج الجثث.. ثم انكشفت مكيدة استعمال السلاح الكيميائي، المحرم دولياً، وكيف أنه استعمل في العام الماضي، في الخرطوم، وفي دارفور، ومناطق متفرقة أخرى. ومع أنهم صوروا جرائمهم البشعة، ضد المواطنين الأبرياء العزل، إلا أنهم حرصوا على إخفاء جريمة استعمال السلاح الكيميائي، لأنهم لا يهتمون بما يغضب الله، ولكن يخشون ما يغضب الدول الكبرى!! وحين أذاع الدعم السريع، أن جيش البرهان استخدم ضدهم أسلحة كيميائية، سارع اعلام الاخوان المسلمين الكذوب بالنفي، واتهام الدعم السريع بعدم المصداقية، تبريراً لفقدان مواقعه في الخرطوم، وغيرها من المناطق. وجازت كذبة الإخوان المسلمين على كثير من الناس.
ثم في 24 مايو 2025م، جاءت إدانة وزارة الخارجية الأمريكية، لحكومة البرهان، واتهام جيشه باستعمال أسلحة كيميائية، محظورة دولياً، وفق القوانين الدولية، والاتفاقيات التي وقع عليها السودان من قبل. ولقد بنت الإدارة لأمريكية قرارها، على تقارير استخباراتية، وأممية، من مسؤولين، وصحفيين بريطانيين، نشروا صوراً، تظهر عناصر من الجيش السوداني، وهي تلبس الأقنعة الواقية من التسمم الكيميائي، وتطلق كبسولات غازية، تحتوي على غاز الخردل، المحرم دولياً، مستهدفة أماكن سكنية، تحت سيطرة الدعم السريع. وفي مقطع آخر ظهر ضابط سوداني، يعرض ما وصفه بـ”سلاح فتاك”، وهو عبارة عن كبسولات غازية سامة.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى، التي يستخدم فيها هذا الجيش، الخاضع لسيطرة الاخوان المسلمين، أسلحة كيميائية ضد شعبه. ففي عام 2016م ذكرت منظمة العفو الدولية، أن الجيش السوداني، استخدم أسلحة كيميائية في دارفور، مما أدى الى قتل، وتشويه مئات الأشخاص، بما في ذلك الأطفال.. ومن عجب أنه في ذلك الوقت، أدان جبريل إبراهيم، ومني اركو مناوي، حكومة البشير، وجيشها، لاستخدامهم السلاح الكيميائي، الممنوع دولياً، ضد أبناء دارفور.. ولكنهما الآن صمتا، رغم أن المجرم هو نفس المجرم، والجريمة ذات الجريمة، والضحية نفس أهلهم في دارفور!! فهل الدراهم المعدودة التي استلموها من الاخوان المسلمين ثمناً كافياً لبيع أهلهم وذويهم؟!
وفي تقرير مصور، أوردت الإعلامية النابهة “تسابيح مبارك”، حديث ياسر العطا، عن أنهم سيستخدمون أكبر قدر، يسمح به القائد العام، من القوة المميتة، ومن القوة الخفية، في إشارة الى الأسلحة الكيميائية.. ثم نقلت بالصوت والصورة، حديث البرهان، حين قال (سنضطر الى استخدام القوة المميتة إذا لم ينصاع الدعم السريع)!! وأوردت ما ذكره شهود عيان، وما نقلوا من صور، تظهر تغيّر لون المياه، في منطقة “الكومة” بدارفور، بعد القاء طيران جيش الاخوان المسلمين، براميل ملتهبة بالغازات. ثم استعمال كتائب البراء بن مالك، وكتائب المتطرفين المهووسين، لغاز الكلور، في عدة مناطق بالخرطوم، وكيف أن ذلك هو السبب وراء رفض حكومة البرهان، للجنة التحقيق في جرائم الحرب، التي اقترحتها الأمم المتحدة!!
إن استهتار البرهان بالقوانين الدولية، واستخدامه الأسلحة الكيميائية، الفتاكة، المحرمة دولياً، ضد الشعب السوداني، وقتل المئات من الأبرياء، والنساء، والأطفال، وتشويه أجسادهم، والقضاء على الحيوانات، التي يعتمدون عليها في معيشتهم، بتسميم مياه الشرب، ومحاولته خداع العالم، بإنكار هذه الجريمة النكراء، يجرده من أي شرعية، تجعله رئيس دولة، ويحوله الى مجرم حرب، يجب أن يكون مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوردت أسكاي نيوز عربية – ابوظبي، أن تحالف القوى المدنية السودانية “صمود”، دعا الى (تشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات الموجهة للجيش باستخدام أسلحة كيميائية وكافة الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023م وأدانت “صمود” هجمات قوات الدعم السريع على البنى التحتية والانتهاكات الوحشية التي قامت بها القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها في حق المدنيين في مناطق متفرقة تدور فيها عمليات تبادل السيطرة). إن هذا البيان الضعيف، المتردد، المتأثر بابتزاز الاخوان المسلمين المستمر لـ”صمود”، واتهامها بأنها واجهة للدعم السريع، تجاوز كل الأدلة على استعمال الجيش للأسلحة الكيميائية، ودعا الى لجنة تحقيق دولية، لتبحث من جديد، في كل الجرائم، بما فيها التي ارتكبها الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب، وحتى اليوم!! و”صمود” تعلم أن الأمم المتحدة، كانت قد قررت ارسال بعثة دولية، لتحقق في جرائم الحرب، وافق عليها الدعم السريع، ورفضتها حكومة البرهان. فلماذا تريدنا” صمود” أن نجرب المجرب؟! لقد سبق ان ادانت “صمود” طرفي الصراع، أكثر من مرة، ولكننا اليوم أمام أمر جديد، هو استخدام الأسلحة الكيميائية، التي أتهم بها الجيش وحده، ولم يتهم بها الدعم السريع. فلماذا تصر “صمود” على أن تساوى بينهما؟! ألا ترى “صمود” فرقاً بين الدعم السريع، الذي لم يتنكر لتوقيعه مع القوى المدنية، للاتفاق الإطاري، ولم يتردد في قبول كل دعوات التفاوض، من أجل السلام، بما فيها التوقيع على مذكرة تفاهم، مع “تقدم”، قبل فيها كل شروطها، واستجاب لطلبها بإطلاق سراح معتقلين، من عناصر الجيش، وبين حكومة البرهان، التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، الذين جعلوها تتهم قادة “تقدم”، بجرائم تصل عقوبتها الإعدام، مطالبة للإنتربول بالقبض عليهم؟!
إن واجب “صمود”، كتجمع مدني، سياسي، يسعى الى إيقاف الحرب، أن يعلن ادانته لاستخدام الجيش السوداني، للأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، بناء على تقارير الصحفيين البريطانيين، وبيان وزارة الخارجية الأمريكية، وشهادة البرهان وياسر العطا، التي أوردتها الإعلامية “تسابيح”، وشهادة المواطنين السودانيين، وصورهم للإبل والمواشي، التي نفقت لما شربت من المياه الملوثة. ثم يُطلب من اسر الضحايا، أن يوكلوا “صمود” لترفع باسمهم دعوى للمحكمة الجنائية الدولية، ضد البرهان، باعتباره مجرم حرب، أرتكب جرائم ضد الإنسانية. ثم تكثف “صمود” الدعوة الدبلوماسية للعالم، لاعتبار حكومة البرهان، المخالفة للقوانين الدولية، حكومة غير شرعية، ولا تمثل السودانيين. هذا إذا ارادت “صمود” أن تخرج من ابتزاز الاخوان المسلمين، ونضال بيانات الشجب والادانة.
كما أن موقف “تأسيس” ضعيف أيضاً.. فبالإضافة الى تأخرها في الظهور بحكومتها، وعدم إعلانها للشعب السبب الحقيقي لهذا التأخير، فإنها لم توفر مكتب اعلامي، يعبر عنها، ريثما تكتمل ترتيباتها، ويقوم الآن، بإدانة استخدام السلاح الكيميائي، ضد المواطنين السودانيين، ويعتبره من الأسباب الأساسية، لتكرار المطالبة للعالم، بعدم الاعتراف بحكومة البرهان، لأنها تقتل شعبها، بالأسلحة المحرمة دولياً، وتقديم الحكومة البديلة عنها. كما يمكن للجنة من “تأسيس”، أن تتواصل مع الأطباء السودانيين، لمعرفة آثار الأسلحة الكيميائية، والتواصل مع المحامين السودانيين، والنظر معهم، في كيفية التعبير عن المتضررين، ورفع شكوى باسمهم، للمحكمة الجنائية الدولية
ولم تتم إدانة واسعة، من الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفين عموماً، لجريمة استخدام الأسلحة الكيميائية، فإلى متى يظل المثقفون السودانيون، يدورون في فلك خلافاتهم الحزبية والفكرية، والابتزاز، من عصابة الاخوان المسلمين، وهي مجموعة إرهابية، دموية، مهووسة، ولا أخلاقية، تسعى الآن للقضاء على السودانيين، لتبيع أراضي وطنهم، وتقبض الثمن، حتى ينعم به افرادها، في بلدان أخرى، على حساب أشلاء المواطنين السودانيين، الأبرياء، البسطاء.
(وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ).