مقالات الرأي

عمر ترتوري: شاي مروي وطيف هيروشيما

سودان ستار

 

ذهبتُ بالأمس إلى مدينة مروي، وكعادتي أحب الاستمتاع بجلسة في إحدى رواكيب ستات الشاي، وأتناول كباية شاي وفنجال قهوة. وهذه المرة وجدتُ عدة نازحين من الخرطوم، وهم في حالة هياج ومناقشات، وبصوت عالٍ عن أحداث الساعة، وتركوا حربنا الضروس جانبًا واهتموا بالحرب الإيرانية الإسرائيلية. وطلعتُ منهم بعدة ملاحظات، ومن أهمها أنه لا يوجد إجماع على احتمال أو حدوث حرب عالمية رابعة، ومع ذلك كان النقاش حول إمكانية أن تتصاعد وتتحول إلى صراع عالمي واسع النطاق.

 

تداخلتُ معهم وقلتُ لهم بالحرف الواحد: إن هناك العديد من المناطق التي تشهد توترات وصراعات، وليس الشرق الأوسط فقط، بل أوكرانيا وما أدراك ما روسيا، مما قد يؤدي إلى تصعيدات إقليمية قد تتوسع لتشمل قوى عالمية.

 

ولا ننسى أن استمرار التنافس بين القوى العظمى، مثل أمريكا والصين، يمكن أن يؤدي إلى صراع على النفوذ والموارد، مما يزيد من خطر نشوب صراع عالمي، بالإضافة إلى انتشار الأسلحة النووية، وهذه كلها عوامل تزيد من المخاطر الأمنية العالمية وتثير تساؤلات حول إمكانية نشوب حرب عالمية.

 

بالنسبة لدولة الكيان الإسرائيلي، في الحقيقة، إنه ليس من العدل النظر إلى سلوكها في المنطقة دون فهم واضح لمنظومة المجتمع الدولي، لأنه، وعلى حسب تقييمي للموقف، أن هناك توافقًا ظاهرًا ودعمًا مستميتًا من منظومات دولية، سواء على شكل دول أو هيئات، يصب في صالح إسرائيل دون اعتبارات أخرى. ويبدو أن استمراء إسرائيل خلف هذا الدعم الدولي يقودها إلى الحلم بأن يتحول العالم العربي والشرق الأوسط إلى داعم لها، دون أن يتم تقديم حلول جذرية لحروباتها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني والآن إيران. بالمقابل، أهلنا العرب قدموا الكثير من التنازلات من أجل الحصول على السلام، لأنهم نسوا أو تناسوا الأعداد الهائلة التي قتلت في غزة من المدنيين، وهذه بالتأكيد ضد الإنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

 

المناقشة أيضًا تناولت القنبلة الذرية وخطورة السلاح النووي، وكل الحاضرين كانوا خائفين من هذه القنبلة، وتذكروا القصف الذري على هيروشيما، ذاك الهجوم النووي الذي شنّته الولايات المتحدة ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث قامت هذه المتغطرسة باستخدام قنابل ذرية بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام، وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلامًا كاملًا بدون أي شروط، وهذا ما ستفعله ضد إيران، وأن غدًا لناظره قريب.

 

كلنا نعلم أن المخزون النووي تزداد ترسانته يومًا بعد يوم، واستخدامه المتهور في الحروب بين القوى الكبرى قد يعرض مئات الملايين للموت، ونحن أصلًا في السودان مبلولين، والمبلول من الأفضل يعوم (يسبح).

 

ما زلتُ، وفي كل مقالاتي، أحذر من الحروب، لأنها هي الداء الذي يؤلم البشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، إذ تعطل سير الحياة نحو التقدم والازدهار بما تخلف وراءها من القتلى، والجرحى، والمشردين. والدواء هو السلام الذي يؤلف بين الدول، ويصنع الحوار، والتعايش، والتعاون، ويوفر بيئة آمنة. فالسلام خيار حضاري لحل المعضلات السياسية الكبرى، وهو أفضل بكثير من ضغطة زر نووية متهورة قد تهلك مئات الملايين من البشر، لأن اشتعال شرارة حرب عالمية ليس بالأمر الهين، لأن هذا الاشتعال تصحبه صراعات، ونزاعات بين الدول، ومشكلات لا حدود لها، وسيحرّك كثيرًا من القوى الدولية الكبرى لتنتقل إلى وضعية الحرب الكاملة لمواجهة صراع نووي مدمر، بما يجعل هذه الحرب معقدة وشاملة التدمير.

 

قبل الختام /

لابد من إثارة التفاهمات السياسية والتنموية كي تقود العالم نحو تعاون مثمر، فالسلاح النووي لن يمنح من يملكه الهيمنة المطلقة أو سرقة المستقبل، ومن يفكر في جرّ العالم لحرب عالمية ثالثة، فسيطرق الفناء باب داره أولًا قبل أن ينتهي العالم على يديه.

 

ختامًا /

أنت لي دنياي وصفة

ولي مزاج أحزاني غيمة

لو سماي تفور وتصفا

أنت حسن الدنيا كلو

أنت ما العسل المصفى

وقبل ما ناخد علاجك

لو نشوفك نحنا نشفى

الخدار الفي خدودك

يوم تقالد الموجة ضفا

وزي عصافير فوق غصونا

مافي تب بيناتنا كُلفا

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى