“عنقاء الرماد”.. محمول جمالي يجسد المأساة ويلون الأمل!
“عنقاء الرماد” محمول جمالي أطلقته جمعية الفنانات التشكيليات السودانيات في الثالث من يوليو على صفحة الجمعية على منصة الفيسبوك.
وجاءت عنونة المعرض الافتراضي قولًا جامعًا مزج في مضمونه بين إطلاقيات العظيمين جورج براك وأنريكو بالاديو، فالفن يمثل عند الأول:
“وسيلة للهروب من الحياة، لكنه في الوقت نفسه وسيلة للتمسك بها.”

على حد تعبيره، بينما يراه الأخير، أنريكو:
“الفن التشكيلي ليس محاكاة بل إعادة خلق للمرئي.”
وقد جاء في ديباجة المعرض:
(مثل العنقاء ننهض من تحت الرماد، نرفع رؤوسنا ونرفرف بأجنحتنا، وننفض غبار اليأس، ونطلق صرخة الحياة لتصل إلى أرجاء الكون. نحن هنا لنعلن أن الفن قاهر للخوف، والإبداع سبيلنا لمحاربة الاحتراق، والألوان بوصلتنا لمواجهة اليأس. نحكي قصصنا بريشة فنان وتسجلها صفحات التاريخ).
هي العنقاء تحلق بعيدًا عن مأساتها، وفي تحليقها تولد من جديد وتخلق في البعيد إعادة الحياة ولكن بكيفها هذه المرة على الكانفس والقماش والورق والصلصال، لتجسد الآلام والأمل خيطًا وتطريزًا، ولونًا بكل تبدياته: أكريلك وزيتي ومائي.
كانت هذه هي الخامات وألوانها ومنحوتاتها التي نهض عليها المعرض، الذي حكى للعالمين مأساة الحرب وراسبها النفسي، الذي تنحته تمظهراتها من نزوح وهجرة وترك وجوع وعنف حملت تبعاتها المرأة ضعفين.

وإن كانت الأعمال الفنية سودانية العبارة مجازًا، إلا أنها ذات محمول إنساني ورسالة كونية تخاطب نيابة عن كل فجيعة وتحكي بلغة يألفها الجميع، إذ إن الفن لا يقف عند حدود الجغرافيا بل يتجاوزها ليخاطب الوجدان الإنساني في كل مكان.
هكذا كان المعرض مناسبة لإبراز قدرة الفن على توثيق الذاكرة الجمعية وصياغة الجمال من عمق الألم، فتجلت الأعمال وكأنها شهادات حية على الصمود والإصرار على الحياة، والاحتفاء بروح المرأة المبدعة التي تجد في الألوان ملاذًا وصرخة عاقلة، وللرماد عندها دومًا عنقاء تنبعث منه لتعيد ترتيب العالم جمالياً.

وقد شارك في المعرض 58 فنانة س
ودانية، وتعدى عدد الأعمال الفنية المشاركة 280 عملًا فنيًا، مما يعكس غنى وتنوع الإبداع الفني السوداني.














