
من رأى الزيفَ في مقامِ الحقيقة، سُدَّ الوهمُ عليه طريقه.
كحال لورد الحرب هذا، مني أركو مناوي، الذي أضحت سائر أعماله كسرابٍ بقيعة، يحسبها من فرط توهّمه ماءً، حتى إذا جاءها لم يجدها شيئًا.
في حالةٍ تشبه الهذيان، تدلّ على فقدان أعصابٍ أكثر مما تدل على ثقة بالنفس، يقول مناوي:
(ديل خطواتنا يا إخوانا: “خرطوم – فولة”، “فولة – ضعين”، “ضُعين – نيالا”، “نيالا – زالنجة”، “زالنجة – الجنينة”… أربعة خطوات.
كم خطوة محتاج؟ أربعة.
باقي لينا أربعة خطوات.
الفاشر؟ نحن يا إخوانا لما نمشي أم كدادة، نسوان الفاشر بكفي إنو يطهروا الفاشر).
الإصابة بالهذيان، كما يقول الأطباء، تقع حين يتأثر الدماغ إلى حدّ يفقد فيه المصاب قدرته على التذكّر والتفكير، ويُصاب بالتشوّش الذهني والاضطراب الوجداني.
وتتجلى أبرز أعراضه في خلل القدرة على الانتباه، والعجز عن التصرف بوعي، فيصبح التفكير والكلام عشوائيًا، غير منتظم، ومشحونًا بالارتباك في تمييز الأشخاص والأماكن.
من شاهد مناوي مؤخرًا في مقطع فيديو وهو يخاطب جنوده بعينين جاحظتين وصوتٍ يتهدّج، مصحوبًا بأداءٍ درامي متصاعد، يدرك أنه يعيش حالة تتجاوز تخليطه المعتاد في الأسماء… بل حالة تدعو للتعاطف، وتثير الرثاء والشفقة.
وأمام هذا المشهد، ما لنا إلا أن نرفع أكفّ الضراعة بأثر شيخنا البرعي، لمناوي أولًا، ثم لكردفان ودارفور، ونردد:
“ندعوك بالأربعة والكتب الأربعة
والسور المائة والعشرة وأربعة
بالملائكة الستة والكرما الأربعة
بنبينا محمد والخلفاء الأربعة
والستة البَعُدُهم والأئمة الأربعة
والفقها السبعة وأقطابنا الأربعة
أوتاد الأرضِ في القِبَل الأربعة
الأبدال والنقبا العشرة في أربعة
أحفظ جوارحي الثلاثة وأربعة
وتجافي المضجع جُنُوبنا الأربعة
زيل مرض الجسمِ في طبايعه الأربعة
بارك إسبُوعنا ليوم الأربعا
أيام السنةِ التسعين في أربعة
وبُحُورنا السبعة وأنهارنا الأربعة
نسلَم من أربعة وُنحشر مع أربعة”
وأصرف مناوي وأوهامه الأربعة.
لام، ألف:
مجاراة، لمقولة زعيم سياسي كبير قالها يوم هدد فصيل من جيوش الهامش عرش “البشير”، أقول بالمثل:
“مناوي جلدنا، وجلدنا ما بنجر فوقو الشوك”!.