مقالات الرأي

الجميل الفاضل يكتب: انطفأ مصباح الفقراء؟!

عين على الحقيقة

 

انطفأ أمس الثلاثاء، مصباح من أشهر مصابيح فقراء الأرض، هو رئيس الأوروغواي السابق  “خوسيه موخيكا”، الذي إختار بطوعه أن يعيش حياة الفقر بكل تفاصيلها وهو رئيس دولة.

فقد رفض “خوسيه” العيش في القصر الرئاسي طوال خمس سنوات قضاها في السلطة، مفضلا أن يزاول الحكم من منزل بمزرعته الصغيرة، يتكون من ثلاثة غرف عادية جدا.

شارحا أسباب اختياره لهذا النمط من العيش، بقوله: “أعتقد أن أفضل طريقة لعيش الحاكم، هي أن يعيش مثل الغالبية العظمي من الناس، الذين يسعي لخدمتهم وتمثيلهم”.

لعل حكمة “خوسيه” تذكرني بقول مماثل لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب، الذي قال تقريبا: أمرنا نحن أمراء هذه الأمة، أن نعيش علي مستوي أدناهم، لكي لا يبطر الغني غناه، ولكي لا يكسر الفقير فقره.

وكان الرئيس الراحل خوسيه، الذي ينعته الإعلام دائما بصفة “أفقر رئيس في العالم”، قد قال في مقابلة عبر قناة “RT”: “نصائحي لكم أيها البشر، أن تعتدلوا في الحياة والتمتع بها دون إفراط”.

مردفا بالقول: أنه ظل يعيش مع زوجته لوسيا توبولاتسكي عضو مجلس الشيوخ، في بيت ريفي صغير، ينفق علي حياته (10) بالمائة فقط من راتبه كرئيس، متبرعا بنحو (90) بالمائة منه لصالح الأعمال الخيرية.

مؤكدا أنه لا يملك البتة حسابات مصرفية، ولذلك هو لا يترك لنفسه وعائلته الا ما يكفي استهلاكه الأسري.

لكن الرئيس خوسيه كان قد وجه انتقادات لاذعة جدا لثورات الربيع العربي التي هيأت لحركات الاسلام السياسي الصعود الي الحكم، قائلا: “أن هذه الثورات التي تبدأ بالهتاف (الله أكبر) وتنتهي ب(المال أكبر)، ليست ثورات إنما هي عمليات سطو منظمة”.

مسديا نصحه لليساريين العرب بالنأي عن هذه الحركات الإسلامية قائلا: “لا تصافح من يريد دولة الخلافة، فأنه سوف يسحقك عندما يأتي الي السلطة، فالديكتاتوريات الدينية اسوأ من الديكتاتوريات العسكرية”.

ويشرح موقفه هذا بقوله: “عندما يصبح الدين سلطه يفقد روحه، فالاله لا يحتاج حراسا مسلحين، ولا بنوكا تمول الحروب”،

ويضيف: “إن أقسي انواع التعصب يحدث عندما يقتل من يقتل باسم محبة الله، فأي اله هذا الذي يرضي بالدم”.

ويمضي خوسيه الي أن يقول: “إيماني ليس في الكنائس، بل في ذلك الفلاح الذي يشارك خبزه مع جاره رغم فقره، وروحانيتي في زرع شجرة لا في ترديد صلوات لم افهمها”.

وحول الموت الذي زاره بالأمس قال: “لا اخاف الموت، لكني اخاف حياة عشناها بلا معني، أما الجنة إن وجدت فهي للذين صنعوها علي الأرض”.

علي أية حال، أتصور أن هذا الرجل وفق معيار شاعرنا الفيتوري، هو من اغني أغنياء الأرض، لا أفقر رئيس كما يظن البعض.

انها حقا لدنيا لا يملكها من يملكها، وأن اغني اهليها هم ساداتها هؤلاء من نظن أنهم فقراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى