قراءات

د. محمد محمد الأمين: التشريع الإسلامي بين الأصول والفروع (1)

سودان ستار

التشريع الإسلامي بين الأصول والفروع

الحلقة الأولى

د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

 

الإسلام مستويان: المستوى العلمي والمستوى العقائدي.. المستوى العلمي يؤخذ من القرآن المكي وعمل النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. وقد استمرت الدعوة إليه ثلاثة عشر عاما في مكة، بالحوار الموضوعي والإسماح.. لكن لم يسجب المجتمع حينها لهذا المستوى الأصل..

 

أكثر من ذلك دبر المشركون تآمر على حياة النبي في خرق صارخ لآيات أصول الإسلام التي أسست حرية الاعتقاد والفكر أي الحقوق الأساسية بثقافة عصرنا.. فشلت خطة التآمر وأذن للنبي بالهجرة إلى المدينة فبدأت مرحلة المستوى العقائدي ومن ثم نزل القرآن المدني ناسخا المكي، وشرع الجهاد بالسيف في مواجهة المشركين..

 

هنا اتجه التشريع الإسلامي لتأسيس الوصاية بدل الحرية ولكن النبي ظل على منهجه الفردي في خاصة نفسه على نهج الأصول بينما واصل التشريع العام ضبط المجتمع بآيات الوصاية المدنية.. وقد كان على قمة المستوى العقائدي حينها ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب، ولذلك كان القرآن أحيانا ينزل على رأي عمر انسجاما مع حاجة ذلك المجتمع وحكم الوقت..

 

إذن نأخذ أمثلة على هذا التحول في التشريع:

أولا : اختلف مسلم ويهودي فاتفقا على الأحتكام للنبي، فحكم النبي بينهما لكن المسلم رفض الحكم وذهب موفورا ثم ذهبا إلى أبي بكر الصديق فحكم لهما بنفس حكم النبي لكن المسلم لم يوافق!!

أخيرا ذهبا إلى عمر فحدثه اليهودي بكل ما حصل من رفص لرأي النبي وأبي بكر من جانب المسلم.. فقال عمر للمسلم بغضب: ويحك!! أحقا ما يقول هذا الرجل!!؟؟ أجاب المسلم : نعم!!

هنا نهض عمر إلى حجرته وعاد حاملا سيفه وقطع على الفور رأس المسلم!!

وعندما علم النبي بما حدث للمسلم هم النبي الكريم بمعاتبة عمر لكن القرآن نزل مؤيدا ما فعله عمر بن الخطاب.. قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)..

هذا المثال يوضح نزول القرآن من الأصول إلى الفروع، فحسب ما هو مقرر في الأصول (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فليس هناك وصاية فكل إنسان حر حتى لو كفر بالله ورسوله لا يقتل..

نواصل في أمثلة أخرى إن شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى