
تقرير: مداميك
مع حلول عيد الأضحى لا تزال الملايين من الأسر السودانية تعاني الفقر والتشرد في مراكز الإيواء نازحين داخليا أو لاجئين في دول الجوار، بعد أن أجبرت على ترك منازلها بسبب الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، والتي فرقت وشتت شمل الأسر السودانية. وللعام الثالث على التوالي يغيب خروف العيد عن معظم بيوت الأسر السودانية التي صارت تكابد لتغطية متطلبات الحياة المعيشية اليومية، وشراء الأضحية سوف يربك ميزانية الاسرة لعدة اشهر في ظل الوضع الراهن. وصار غالبية المواطنين يكتفون بشراء بضعة كيلوجرامات من اللحم لذلك اختفت موائد الشية والمرارة والكمونية وعصير الشربوت من مائدة ملايين الأسر بسبب الظروف الصعبة والحياة المعيشية التي يعاني منها السودانيون منذ اندلاع الحرب، والتي أجبرتهم على ترك وظائفهم، في وقت فشلت وزارة المالية بحكومة الأمر الواقع في دفع رواتب معظم العاملين بالدولة، وغالبيتهم يعيشون أوضاعا معيشية سيئة، وصاروا فقراء غير قادرين على تأمين قوت يومهم بسبب الغلاء الطاحن بالأسواق. وبدأت الأضاحي تنساب لأسواق الولايات الآمنة، فيما غابت عن أسواق الخرطوم العريقة على الرغم من سيطرة الجيش عليها، وتعيش العديد من الميادين والأحياء التي كانت تتكدس فيها الأضاحي منذ وقت مبكر حالة سكون تام، وكذلك تأثر سوق قندهار الشهير للحوم بمنطقة ام بدة بغرب أم درمان، وأسواق بحري شمبات وغيرها من المناطق التي كانت تتكدس بالأضاحي، وقد غاب خروف الاضحية عن تلك المناطق بسبب قلة عدد المواطنين الذين استقروا بالخرطوم بجانب التفلتات الأمنية. فيما شهدت مدينة الثورة وسوق صابرين توافد أعداد من تجار المواشي لبيع الأضحية، ولكن لا تزال الحركة الشرائية ضعيفة. وأكد الباحث والمحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي لـ”مداميك” أن الاوضاع الاقتصادية والمعيشية صعبة للغاية ولن يتمكن نحو اكثر من 80% من المواطنين من شراء الاضحية بسبب نفاذ مواردهم، وما لديهم من مدخرات يصرفونها على الأشياء الأساسية والضرورية من أكل وعلاج. وقال تاجر المواشي محمد حسين لـ”مداميك” إن الخرطوم كانت في السابق سوقا كبيرا ولكن للعالم الثالث على التوالي اختفى تجار الماشية الذين كان عيد الأضحية بالنسبة لهم موسما يبيعون فيه الماشية التي يجلبونها من الولايات للخرطوم للحصول على أرباح عالية. وأضاف أن الحرب التي دارت بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم أثرت كثيرا على تجار الماشية واتجه غالبتهم للولايات المجاورة، لافتا إلى أن سعر الخروف يتراوح بين 280 إلى 350 ألف جنيه، ويتجاوز 500 ألف جنيه للأحجام الكبيرة، بينما الإقبال على الشراء مازال ضعيفا. وأشار التاجر إلى أن أسعار الأضاحي تختلف من ولاية إلى أخرى، ففي كسلا تتراوح أسعار الخراف بين 280 و360 ألف جنيه، وفي رهيد البردي (سوق الغنم) الأسعار تتراوح بين 120 و250 ألف جنيه، أما في القضارف تتراوح الأسعار بين 170 و280 ألف جنيه. وفي دارفور وكردفان فهما الأقل سعرا حيث تبدأ الأسعار من 100 إلى 220 ألف جنيه، لافتا إلى أن الحركة الشرائية لازالت ضعيفة، وعزا ذلك لارتفاع أسعار الاضحية بسبب ارتفاع تكلفة الاعلاف والترحيل. وتقول سهام المعلمة بإحدى المدارس الحكومية، إنهم يعيشون أوضاعا صعبة بسبب عدم صرف رواتبهم، وأضافت: “الجوع والفقر يهددنا وتراكمت علينا الديون لأصحاب العقارات بعطبرة بعد ان لجأنا اليها عقب مغادرة منزلنا بحي جبرة في الخرطوم”. وأشارت إلى أن عيد الأضحى جاء “ونحن نعاني اشد المعاناة ولن نتمكن من شراء الاضحية بسبب نفاذ ما لدينا من مدخرات”. ويمتلك السودان ثروة حيوانية تقدر ب 30 مليون رأس، ولكن هذا القطاع يعاني من تحديات كبرى مثل ضعف البنية التحتية البيطرية وارتفاع أسعار الأعلاف والخدمات الزراعية والحروب والنزاعات ودعم الاهتمام الحكومي.