ستعرفونني
حقاً ستعرفونني، فأنا كالحجاج
متى ازيل اللثام ستعرفونني….
من زنجية شوتها الشمس حتى استوت لسُمرة
من الخنجر الذي وضعه جنرال على الصدر، لأن الصدر الذي لا يملك وساماً لا يُعترف به
من الأعشاب التي تغطي أطراف أصابعي
والرمل على الحنجرة
فانا ارجلي في الغابة ورأسي في الصحراء
من طريقتي في السير
اميل إلى اليمين أكثر
فانا ربتني الخلاوي الدينية، واغنيات الجهاد، وسياط الفقيه
والبلاد تكره اليسار في كل شيء
حتى في السير
من خشونة صوتي الذي حدته الصرخات الطويلة أمام شرطة الشغب، وأمام صفوف الخبز، والعِراكات في المطاعم الشعبية
انظروا إلى عيوني أنها بيضاء بالكامل
لأن جميع ما فيها مسحته أحذية الجند، كما مسحت الابتسامات عن وجوه الصبية، كما مسحت الطعام عن أفواه البيوت، وكما مسحت اسماءنا من الكشوفات اليومية
وانظروا إلى شعري ازرق بالكامل
ليس لأنني انتمي للسماء، بل لأننا جميعاً، اعتدنا الغفز نحوها، فلا أحد هنا في الاسفل، يسمع اصوات الموتى
انظروا إلى اصابعي، أنها ذهبية، لأن كما قلت رأسي في الصحراء، الصحراء ذات الرمال الذهبية، لذا كلماتي ذهبية، ويدي ذهبية، وبطني ذهبية،
كل هذا الذهب
تعجز في الفجر عن شراء الخبز،
لأن الخبز يحتاجُ دماً
الذهب يحتاجه البنك، وبعض اللصوص
انظروا إلى أرجلي، أنها مغطاة بالفحم
لأنني كنتُ شاهداً على الغابة حينما احترقت،
وشاهداً على البحر حينما احترق
وشاهداً على المدينة حينما احترقت
انا معجم ضخم، لما فعله جنرال بعود ثقاب، حين أراد فقد أن يُحضر عشاءه
انظروا لصدري
هنا أثر لشيء اُقتلع بقسوة،
أنه حبيبة، حبيبة ينبغي أن يمر بها البنك، وتمر بها البلدية، ثم يمر بها الكاهن، وأن يتفحصها المأمور، من أخمص عانتها حتى أخمص دموعها، وأن تُدون في مكاتب البيع المخفض، بوزنها، وما تملك من لحم وعظم وأحلام
أنها حبيبة اُقتلعت ولم تجد موقعها بعد ذلك
انظروا إلي
متى أزيح الليثام عن جُرحي وعانتي تعرفونني
فانا حُزنٌ سودانيّ















