مقالات الرأي

عزيز الدودو يكتب: قطع العلاقات مع الإمارات قرار متهور بإمتياز 

سودان ستار

قطع العلاقات مع الإمارات قرار متهور بإمتياز 

 

لا يمكن النظر إلى قرار قطع العلاقات مع دولة الإمارات إلا كقرار ارتجالي غير مدروس، صادر عن ردود أفعال عاطفية وتأثيرات أيديولوجية ضيقة. فالسلطة الانقلابية في بورسودان، بتسرعها هذا، تضع البلاد في مواجهة عواقب وخيمة قد لا تستطيع تحملها، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالسودان.

 

يُعد الجانب الاقتصادي أكثر المجالات تأثراً بهذا القرار، فالاقتصاد السوداني يعتمد بشكل كبير على الإمارات، سواء عبر الاستثمارات أو التحويلات المالية للجالية السودانية الكبيرة هناك. قطع العلاقات يعني تعريض آلاف العائلات السودانية لمخاطر فقدان الاستقرار المالي والإقامة، ناهيك عن توقف التحويلات التي تشكل شريان حياة للاقتصاد المنهك. كما أن رد الفعل الإماراتي السريع بحرمان شركات الطيران السودانية من الهبوط في مطاراتها هو مجرد بداية لسلسلة إجراءات قد تصل إلى حصار اقتصادي أوسع.

 

لا يخفى على أحد النفوذ الإماراتي الكبير إقليمياً ودولياً، فهي قادرة على تعبئة مؤسسات مالية ودولية لفرض مزيد من العقوبات على السودان، الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية طاحنة. فهل يدرك صناع القرار في بورسودان أنهم يجرون البلاد إلى مواجهة غير متكافئة مع دولة تمتلك أدوات ضغط هائلة؟

 

الأخطر من ذلك هو تحول السودان إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية. فالإمارات، بعلاقاتها الوطيدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، قد تدفع نحو مزيد من العزلة الدولية للسودان، بينما قد يلجأ الأخير إلى التحالف مع إيران أو روسيا، مما قد يستفز واشنطن ويدفعها إلى تدخلات غير محسوبة العواقب. وهنا يصبح السودان رهينة في صراع نفوذ بين القوى الكبرى، بينما الشعب هو من يدفع الثمن.

 

من السذاجة الاعتقاد أن الإمارات ستتأثر بقطع العلاقات، فاقتصادها العملاق لا يقارن بالهشاشة السودانية. حتى مسألة الذهب، التي قد يظن البعض أنها ورقة ضغط سودانية، لن تكون عقبة أمام الإمارات، فطرق التهريب ستظل مفتوحة. كما أن الإمارات لن تكون وحيدة في هذه المعركة، فدول مجلس التعاون الخليجي ستقف إلى جانبها بحكم التزاماتها التعاهدية.

 

في النهاية، يتحمل الشعب السوداني وطأة هذا القرار العبثي. فالإمارات كانت مصدراً رئيسياً للمساعدات الإنسانية، سواء داخل السودان أو للاجئين في الدول المجاورة. وإذا كان قادة الانقلاب غير قادرين على إدارة الأزمة، كما ظهر جلياً في ارتباك البرهان وتجاهله ذكر الإمارات في خطابه الأخير الذي ألقاه، عقب إصدار القرار مباشرةً، فلماذا يجرون البلاد إلى مغامرة خاسرة؟ القرار ليس سوى دليل آخر على انعدام الرؤية والتبعية لأجندات خارجية، بينما يُترك الشعب ليواجه مصيره المجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى