مقالات الرأي

عزيز الدودو يكتب: أحلام ذابلة.. ثورة لم تكتمل!

سودان ستار

بين شعلة الحلم وجمر الهزيمة

 

ما أقسى أن تحمل في صدرك غصةً لا تُقال، وأن تذرف دمعةً حبيسةً تكوي الوجدان كلما تذكرت تلك الأيام! أيام عام ٢٠١٩، حين اشتعلت الشوارع بروح ثورية هادرة، وحلمنا جميعاً بتغيير يلامس عنان السماء. لكن ما أقسى الفارق بين الحلم والواقع! بين زمنٍ كنا نرفع فيه رؤوسنا نحو النجوم، وزمنٍ آخر ننحدر فيه إلى قاعٍ سحيقٍ من اليأس.

 

ليست هذه مجرد خيبة أمل عابرة، بل كارثةٌ بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فكيف لثورةٍ أن تتحول إلى ذكرى موجعة؟ كيف لتلك الهبة الجماهيرية العارمة، وتلك الروح المتدفقة بالإيمان بالتغيير، أن تنتهي بهزيمةٍ بهذا المقدار من المذلة؟ هل كنا سكارى بأحلامنا، غافلين عن كمائن الثورة المضادة التي أحكمت قبضتها بخبثٍ؟ أم أننا ببساطة لم نكن جاهزين لخوض معركة التغيير الحقيقية؟

 

الحقيقة المرة هي أن ما حدث لم يكن ثورةً بالمعنى العميق، بل كان احتجاجاً عفويًا، يفتقر إلى الرؤية الواضحة والقيادة الرشيدة. لقد كنا بحاجةٍ إلى وعيٍ جمعي ناضج، يستشرف تعقيدات المرحلة، وإلى عقلٍ استراتيجي يتجاوز حماسة اللحظة. لكننا، وبمرارةٍ لا تُحتمل، كنا كقطيعٍ بلا راعٍ حكيم. نعم، قد يبدو هذا الوصف قاسياً، خاصةً إذا تذكرنا التضحيات الجسام التي قُدمت، والقيم النبيلة التي توهجت في ساحات الاعتصام. لكن حين تقارن البدايات المشرقة بالنتائج الكارثية، يصبح السقوط أشبه بطعنةٍ في الظهر!

 

ومع ذلك، يبقى الأمل كشرارةٍ خافتة في ظلام هذا اليأس. ربما حان الوقت لنفض غبار الهزيمة، ونعيد إحياء الدماء الراكدة في شرايين ثورتنا. نحتاج إلى أفكارٍ جديدة، ورؤى واعية تستلهم دروس الماضي دون أن تبقى أسيرةً له. نحتاج إلى ثورةٍ حقيقية هذه المرة، ثورةٍ تُغير طعم الشاي المر في مقاهينا، وترسم على وجوهنا ابتسامةً تليق بإنسانيتنا.

 

ثورةٌ تعزف لنا ألحاناً تنسينا مرارة الهزيمة، وتعيد لنا كرامتنا المفقودة. ثورةٌ تزهر في أرضنا ألواناً جديدةً من الأمل، وتغسل جراحنا بماء الحياة. فلعلنا، ولو بعد حين، نستعيد بعضاً من أحلامنا الذابلة. فلنكن أوفياء لها، حتى وإن خاننا الزمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى