مقالات الرأي

عوض أبوشعرة يكتب: صمود كانت تمثلني، ولكن… !!  

سودان ستار

صمود كانت تمثلني، ولكن… !!

 

عوض أبوشعرة

 

كل الداعمين لصمود مقتنعون أن الكيزان لن يعدلوا عن مخططاتهم التي يريدون فرضها بالحديد والنار، إلا إذا فقدوا قدراتهم العسكرية والمادية، فقد أثبت تاريخ حكمهم الطويل وإشعالهم للحرب مع رفضهم للسلام أن ضياع الوطن أو تقسيمه لا يفرق معهم، وأن شعب السودان مجموعة من الغرباء عنهم طالما غير منضوين في تنظيمهم، وليسوا سوى مؤلفة قلوبهم وفاقدي رشد، لا يملكون من أمرهم شيئًا، وأنهم مأمورون عقديًا بأن يكونوا أوصياء عليهم، ولا رأي لهم أو قرار، وأن البلد الذي سيطروا عليه كله خالص لجماعتهم، وبالتالي إما أن يعودوا لحكمه وقهر الشعب أو يحرقوه.

 

ورغم هذه الحقيقة الناصعة، إلا أن صمود ومجموعة من مناصريها الديمقراطيين يساوون بينهم وبين غريمهم الدعم السريع في السوء، ويفترضون أن الدعم يريد أن يستبدل حكمهم بالسيطرة على الدولة وحكمها بالغصب، استنادًا إلى تاريخ الميليشيا وانتهاكاتها في هذه الحرب، والتي نصفها مصنوع من غرف ميديا الكيزان كما ظللنا نسمع، وسلفًا نعرف أن للكيزان أيادي في الانتهاكات التي يُنسب بعضها للدعم السريع، ولن تتضح الحقيقة إلا بعد توقف الحرب.

 

الدعم السريع لم يُشعل الحرب، ولم يرفض إيقافها، وهو موقع على الاتفاق الإطاري، وعلى مذكرة التفاهم مع قوى الحرية والتغيير في أديس أبابا، وفتح الباب لقوى سياسية كانت جزءًا من قوى الحرية والتغيير لتنضم لجماعة تأسيس مع بعض الميليشيات، والذين أصدروا معًا ميثاق التأسيس العلماني الديمقراطي، وهم مستمرون في الحرب بإرادة الكيزان. فهل كل هؤلاء السياسيين الموقعين على الميثاق غافلون عن أطماع الميليشيا في السلطة وحدها؟ ووحدهم المنتمون لصمود أو الداعمون لها هم المتأكدون من أن الدعم السريع يرغب في السلطة منفردًا أو بشراكة مدنية صورية؟

 

كلنا دعمنا قوى الحرية والتغيير ورفضنا الحرب ونطالب يوميًا بإيقافها، وندعم الآن صمود رغم تحفظنا على سلحفائية أسلوبها ونرجسية حلولها، لأنها اختارت أن تسير في خط الثورة السلمية أيام الحراك، رغم اختلاف الظروف والمعطيات.

 

أن تناضل بشكل سلمي ضد تنظيم أكدت الأحداث أنه لن يرمِ البندقية ولن يتوقف عن نهب الموارد، يعني أن الحل الوحيد في مواجهته هو نفس أسلوبه، وقد تكفل الدعم بذلك، بغض النظر عن رأينا فيه، فهو في النهاية مولود من نفس الرحم الكيزاني القذر، وإن لم ينتصر الدعم عليهم بالكامل، فسيضعفهم عسكريًا، ويؤجج الصراعات بداخل تشكيلاتهم العسكرية، كما يحدث الآن، مما يساهم في إضعافهم سياسيًا بتشتيت تحالفاتهم المصلحية.

 

صمود لا تملك التحكم في الحرب، وبالتالي لا سبيل لها في إيقافها، وفي نفس الوقت تجزم بأن الدعم السريع يسعى لاستبدال حكم ديكتاتوري عقدي بحكم ديكتاتوري جديد، رغم أن الدعم السريع لا سابقة له في نقض المواثيق لو أرخينا له من لحظة التوقيع على الاتفاق الإطاري وحتى الآن. وصمود ومن معها لا يملكون القدرة العسكرية على مواجهة تنظيم مصرّ على الحرب، وفي نفس الوقت لا يريدون أن يفعل الدعم السريع ذلك بحجة الانتهاكات، وكأن الحرب نزهة تُقدم فيها المرطبات والورود!

 

الكيزان يريدون الحكم بالقوة، نعم، ولكن من الذي أكد لجماهير صمود أن الدعم يريد الحكم بالقوة؟

 

ولولا أن أدخل الكيزان أصابعهم في عيونهم بإشعالهم لهذه الحرب، فكيف كانت ستتصرف صمود لعزلهم من الساحة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصًا مع كل هذه الميليشيات المناصرة لهم، والتي لو انتصرت فسنجد أنفسنا في موصل جديدة أو رقة تُباع فيها الحرائر في سوق الجواري، ولو بقانون الوجوه الغريبة، فالبيع أفضل من الذبح.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى