ثقافة وأدب

متولي بصل: صديقي الكلب

سودان ستار

صديقي الكلب

قصة قصيرة من المجموعة القصصية القصيرة ( الديك ذو العرف الأبيض) 

 

        لن يغضب لو علم أنني ألقبه بالكلب ! والحقيقة أنني ظلمت الكلاب إذ نسبته إليهم ؛ فالكلاب تتصف بالوفاء وبالحب ؛ أما صديقي هذا فلا يعرف من الحب إلا اسمه ، ولا يدرك من الوفاء حتى رسمه! 

كان يسير معي كظلي ؛ ولم يكن يفارقني لحظة، و كنت أعتبره أخي الذي لم تلده أمي!

       لكن اتضح لي اليوم أنه كان يخدعني ، كان يجهزني لأكون الجسر الذي سيعبر عليه لتحقيق حلم حياته ؛ صفقة العمر ؛ الصفقة الصينية . 

       أصر َّ على أن يصحبني معه إلى الصين ! العالم كله يفر من مسقط رأس كورونا ، أما هو فيرى أن السفر إليها في هذا التوقيت فرصة ذهبية لن تتكرر ! 

       منذ شهور وهو يسعى خلف هذه الصفقة ؛ وأخيرا أصبح على بعد ساعات من إتمامها ؛ سيدفع عشرة ملايين في بضاعة سيبيعها – على أقل تقدير – بخمسمائة مليون ! فقرار منع الاستيراد من الصين بسبب كورونا سيوفر له فرصة احتكار السوق ؛ و هو يعرف جيدا كيف يدخل هذه البضاعة ويعبر بها من الميناء ؛ لن يكلفه الأمر سوى مليونين يوزعهما على الكبار ؛ و ستدخل البضاعة وكأنها ترتدى طاقية الإخفاء ؛ ثم يصبح من السهل أن يغرق بها البلد كله ! 

       في غرفة الفندق كان كريما معي أكثر من ذي قبل ؛ اهتمام كبير لدرجة أنني بدأت أتوجس منه شرا ؛ إنني الوحيد الذي يعرف كل أسراره ؛ وأعرف جيدا أنه أناني و عدواني وليس له أمان ! ربما سيتخلص مني كما فعل مع زوجته المسكينة !

       عندما استحكم الخلاف بينهما ، وقرر تطليقها دون أن يخسر جنيها واحدا ؛ لفق لها واقعة ارتكاب الزنا ! وجند لهذا الأمر الفظيع شهود زور ؛ ثم طلقها ! ولم يشغل باله بالفضيحة التي ستلتصق بطفلته الرضيعة طول حياتها ، إنه شيطان بكل معنى الكلمة ! 

كنت أعرف أن زوجته بريئة ، وأنه هو المجرم ، ولكن أحدا لم يطلب شهادتي ، وحتى لو حدث هذا ما كنت لأشهد ضد صديقي ؟! فلا أستطيع أن أخسره . 

       بدأت أنياب الخوف تنهش في قلبي ، أخشى أن يغدر بي كما غدر بزوجته أم طفلته الرضيعة ! يا لي من مغفل ! ليتني لم أرافقه في سفره هذا ؛ فشركاؤه الصينيون يعضونني بأبصارهم ! إنهم لا يرفعون أنظارهم عني ؛ لدرجة أن قلبي امتلأ رعبا عندما اقتربوا مني ، وقيدوني بحبال ٍ بلاستيكية متينة ، ووضعوا كمامة كبيرة على فمي وأنفي ! كل هذا أمام عينيه ، والعجيب أنه كان يساعدهم ، ويربت على ظهري حتى أهدأ و أستسلم لهم ! 

       شعرت بسن حقنة يخترق عنقي ، وبالخدر يسري في عروقي ، وقبل أن أغيب عن الوعي ، سمعت المترجم يقول لصديقي الملعون : 

  – السيد ” لي ” رئيس مجلس إدارة الشركة لن ينسى لك هذا المعروف أبدا ؛ فكبد هذا العربي الأصيل هو الذي سينقذ حياته كما قال الأطباء . 

ابتسم الملعون ، وسأله بينما كانت يده تمسح على رأسي الذي كان كصندوق أسراره الذي يوشك على التخلص منه : 

– هل صحيح أنكم تسلقونها حية ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى