منوعات

عمر ترتوري يكتب: رقيصنا الشايقي بين الماضي والحاضر

سودان ستار

 

أرسلت لى الدكتورة الأخصائية سلمى من بلاد الفرنجة جزء من أغنية شايقية تراثية مشهورة بالطنبور وراقصة حسناء جميلة ترقص رقيص مبهر ومن حولها كورس الصفاقين وأشكرها لأنها الهمتني لكتابة مقال كامل الدسم فى هذا الخصوص.

رقيصنا الشايقي في الماضي كان أكثر تعبيراً عن الثقافة الشعبية وعادات المجتمع، بينما اليوم قد أصبح الرقص أكثر احترافية وتنوعاً، مع التركيز على الأداء الفردي . أغانينا الشايقية تتميز بتنوعها وتعبيرياتها الفريدة عن الحياة اليومية والتقاليد ، ولا ننسى أن الرقص حركات تعبيرية ويُعتبر من الموروثات الراقية التي تدل على عراقة الشعوب وتجذر أصولها وعمق ترابطها الاجتماعي بمحيطهم الجغرافي والمكاني .

الرقص عندنا فى الشايقية يحلو بمناسبات الزواج بأنها هي أهم حدث من أحداث الفرح في حياتنا ، والزواج عندنا ليس حدثاً دنيوياً محضاً يقع اختياراً وصدفة في حياتنا، بل هو أمر يدخل في نطاق *القسمة* وبالتأكيد انه حتمية إلهية مثله مثل الحياة والموت ، لذلك اتذكر زمان أهلنا فى قريتنا الصفا بالقرير عندما يقرر أحدهم الزواج وتتم الترتيبات يذهب كبيرهم للإمام وهو شيخنا عثمان ود الحاج لقطع يوم العرس أى تحديد اليوم واتذكر كان العقد أو الصفاح دائما يكون يوم الأثنين أو الخميس فيوم الخميس والاثنين من الأيام الفاضلة، ففيهما تعرض الأعمال على الله تعالى, وفيهما تفتح أبواب الجنة ، لذلك أهلنا يقدسون الزواج وفيه امتزجت المفاهيم الاسلامية مع الموروثات العقائدية الضاربة بجذورها في منطقتنا .

اتذكر زمان قطع الرحط وهو تأتي العروس وهي متحزمة بحريرة في وسطها ويقوم العريس بقطعها ورميها للحضور.

والأجمل فى مناسبات الاعراس هو الجرتق وهو من الطقوس المهمة، مع وجود الدلكة كمكون أساسي، ويوضع على رأس العريس مع الضريرة .

سألت حبوبتى نفيسة بت إحمد ود موسى قبل وفاتها عن دق الشلوفة للعروس فى الزمن الماضى فقالت لى :

دق الشلوفة تقوم به امرأة خبيرة “خفيفة اليد ، ودائما ما يسبب *دق الشلوفة* ألما وتورما في الوجه في الأيام الأولى، لذا يتم عمله قبل وقت كاف من *قطع الرحط* ، فقاطعتها يا حبوبة العملية حارة جدا وتسبب الاذى فكيف يتحملنها البنات فقالت لي:

يجب على العروس أن تحتمل عملية “دق الشلوفة” دون إظهار أي حركة أو إصدار أي صوت، إذ أن ذلك عيب .

وسألتها عن كيف تكون تسريحة العروس وكوافيرها فضحكت حتى ظهرت أسنانها فقالت العروس ما بيحننوها بالحناء مالم تكون قد أكملت «مشاط» شعرها ، ولا بد من يضعون في نهاية كل ضفيرة من شعر العروس كرات من عجينة من روائح المحلب القرنفل الممزوج بالودك «زيت الشحم» حتى تشد الشعر وليستقيم في شكله، كذلك لإعطائه رائحة ذكية، وأخيراً لتركيز حركته عند الرقص. ( طبعا حكت لى بإسلوب شيق ولكننى عبرت لكم لكي يفهمه المتلقي )

كل هذه المقدمة المطولة ذكرتني بها هذه الراقصة فى الفيديو المصاحب لمقالي ، بينما فى الماضى كان الرقيص جماعي لكل بنات القرية وخاصة قريبات العريس والعروس صغار وكبار واتذكر زمن جر الصف فيأتى اولاد قوزهندي وقوز قرافي وأولاد اوسلي بقيادة اولاد ود الرسالة وأولاد مساوي بقيادة عبد الحفيظ الصي ، والكويت بقيادة اولاد ود أب قجي بالإضافة لأولاد الصفا التى كان اسمها فى السابق الكنيسة وفنانها ذو الصوت الشجى السر ود محمد نور ، و من بعيد يسمعوا الناس الصفقة والأغاني والصوت يجيب الطاش والرتاين نورها ضاوي وشعاعها يشلع ويشوفوه الناس حتى من الضفة الشرقية وقرية المقل ، وبموجبه يعرفون ان فى الكنيسة حفلة عرس .

تعليقى لما يحدث الآن والرقص الجديد وفى وجهة نظري انا بأنه لايشبهنا كشايقية ولكنها ولا اعتبره تطور .

ارجو شاكراً ومقدراً من المتلقي أن يعفوا عنى لأن البلد تنزف والقتل والتشريد والنهب والنزوح واللجوء مازال هو المسيطر على الموقف لذلك اتضرع بالدعوات للمولى عز وجل أن يحقن الدماء ويعم الامن والامان ولا بأس من ان نروح عن أنفسنا من وقت لآخر بمشاهدة الرقص والأغاني ونحاول ننسى الحرب ونضرب الهم بالفرح .

ختاماً :

مرتاح من هموم الدنيا

ما ضاق السهر عينيــك

يا طير واحلالي عليك

صباحات الله ليك بشوشا

بتقضيها فوق جنحيك

تتحدا الجبال و وحوشة

عارفا ما بتطول عليك

وااا حلالي عليك

لمشاهدة المقطع 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى