
طُرد طاقم قنصلية السودان في دبي، فخرجت علينا وزارة خارجية “بورتوكيزان” — ويا للمأساة! — ببيان درامي يصلح مشهداً افتتاحياً لمسلسل تركي من إنتاج قناة طيبة، إذ ذرف ناطقها الرسمي دموعاً بحجم عائدات الذهب المُهرَّب إلى الإمارات.
نعم، نفس الإمارات التي أعلنتم قطيعة تامة معها، وشتمتموها صباح مساء، واتهمتموها بالعداء والتآمر والاستعمار. ثم ها أنتم، وبدون أدنى حياء، ترسلون وفود “شرطة الخلافة” لحضور المؤتمرات، وتتاجرون معها في الذهب، وتستقبلون طائرات الإغاثة القادمة منها سراً لتوزيعها على أهل الولاء لا أهل الحاجة.
فما الذي أبكاكم؟
ألستم من وصفها بـ”العدو اللدود”؟ فبأي منطق تنتظرون منها غير الطرد؟ أتبكون لأن دبلوماسييكم عوملوا بما يليق بنظام لا يحترم حتى ممثليه؟ أتعجبون من تفتيش هواتفهم، وأنتم أول من اتهم الإمارات بالتجسس؟ وهل كانت تلك الأجهزة تحوي غير قوائم التهريب، وأسماء الوسطاء، وسندات الولاء؟
ثم لنتأمل بيان “وزارة الغفلة” وإدارة إعلامها — التي يبدو أنها إدارة مستقلة عن المنطق، والعقل، والحياء. بيان يندد باحتجاز الطاقم، ويتحدث عن “انتهاك اتفاقيات فيينا”! يا للعجب! ألم تقطعوا أنتم العلاقات؟ متى أصبح موظف تابع لمؤسسة لا تعترفون بها محمياً باتفاقية دولية؟ ثم أين كانت “فيينا” حين داهمتم منظمات الإغاثة، واعتقلتم الناشطين بلا تهمة ولا محاكمة؟
والأظرف من كل ذلك، أن البيان يزعم أن الطرد يضر بـ”السودانيين المقيمين”! بالله عليكم، هل كان موظف القنصلية يخدمهم حقاً؟ أم كان يختم الجوازات بالدولار، ويصوّت للمجاهدين بالكلاش؟
أي كذب هذا، وأنتم تعلمون أن كل شيء في قنصلياتكم تحوّل إلى سوق سوداء؟
يا قوم… قليلاً من الحياء!
أنتم من قطع العلاقات، فبأي وجه تفاجأتم حين سحب الطرف الآخر المقعد من تحتكم؟ أنتم من شتم، فهل توقعتم وروداً؟ أنتم من باع الوطن، وتطلبون الاحترام باسم الدبلوماسية؟
أين كانت كرامتكم عندما خنقتم الشعب، وجوعتموه، ونهبتم خيراته؟
أما الإمارات، فدعونا نضحك معكم وعليكم: أنهيتم العلاقات… فبكت وزارتكم حين صدّق الطرف الآخر كلامكم!
وختاماً، نصيحة مجانية:
إذا أردتم احتراماً… فابدؤوا باحترام عقول الناس.
وإذا أردتم معاملة دبلوماسية… فلا تبعثوا دبلوماسيين بنصف وجه ونصف نية.
هل هذا يكفي ام نتوقع دمعة جديدة من دراما التمكين؟ فيا لها من دموع حين يتوسل “الكوز” إلى بوابة دبي… بعد أن باع بوابة الوطن.