عزيز الدودو يكتب: إغتيال “غنيوة” وتداعياته: هل تنجح مساعي الدبيبة لتوحيد طرابلس أمنيًا؟
سودان ستار

إغتيال “غنيوة” وتداعياته: هل تنجح مساعي الدبيبة لتوحيد طرابلس أمنيًا؟
شهدت العاصمة الليبية طرابلس مؤخرًا تطورات أمنية خطيرة تمثلت في تصفية عبد الغني الكللي، المعروف بـ “غنيوة”، رئيس جهاز دعم الإستقرار. هذه العملية، التي قيل إنها جاءت في أعقاب استدراجه من قبل كتائب موالية لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، فتحت الباب واسعًا للتساؤلات حول مستقبل المشهد الأمني في طرابلس ومآلات محاولات الدبيبة لفرض سيطرة مركزية على الفصائل المسلحة.
لا يمكن فهم هذه الأحداث بمعزل عن سيرة الكللي نفسه، الرجل الذي صعد من خلف القضبان في عهد القذافي ليصبح أحد أقوى الشخصيات الأمنية في طرابلس. فمنذ خروجه من السجن إبان ثورة 2011، أسس قوة عسكرية في منطقة أبو سليم، تطورت لتصبح جهاز الأمن العام ثم جهاز دعم الاستقرار، مكتسبة نفوذًا وسلطة متزايدة في العاصمة. هذا النفوذ المتصاعد، كما يبدو، لم يرق للدبيبة الذي عبر عن تذمره من تدخلات الكللي، وصولًا إلى التخلص منه في عملية أمنية مفاجئة يوم الاثنين الماضي.
لكن فرحة الدبيبة لم تدم طويلًا، فسرعان ما تجددت الاشتباكات في اليوم التالي، وهذه المرة مع جهاز الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة، الذي يسيطر على مناطق حيوية مثل مطار معيتيقة وسوق الجمعة. هذا الجهاز، الذي كان يُعد جزءًا من المنظومة الأمنية المدعومة من الحكومة، أبدى مقاومة شرسة لمحاولات إخضاعه، ما يكشف عن عمق التنافس والصراع على النفوذ بين هذه الفصائل وطموحات قادتها المتزايدة.
الآن، يواجه الدبيبة موقفًا بالغ الخطورة. فبعد نجاحه النسبي في إزاحة الكللي، اصطدم بجدار صلب تمثله قوة الردع وتحالفاتها المحتملة مع فصائل أخرى في غرب طرابلس. هذا الفشل في تحقيق هدف توحيد التشكيلات الأمنية يضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة حكومة الوحدة الوطنية على بسط سيطرتها الكاملة على العاصمة وفرض الاستقرار المنشود.
الموقف الدولي، وخاصة الأمريكي الذي قيل إنه كان وراء التوجه نحو حل أمني، يبدو ضبابيًا حتى الآن. الدعوات إلى وقف إطلاق النار حفاظًا على أرواح المدنيين في المناطق المتضررة تعكس قلقًا متزايدًا إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية، لكنها لا تقدم رؤية واضحة لكيفية تجاوز هذا الانسداد الأمني.
وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة، تطفو على السطح أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الكللي لم يُقتل، بل تم اعتقاله بهدف استعادة أموال طائلة يُقال إنه استولى عليها ويحتفظ بها في مصارف أجنبية. هذه الأنباء، إن صحت، ستضيف بعدًا جديدًا وتعقيدًا إضافيًا للمشهد، خاصة بالنظر إلى سيطرة الكللي السابقة على قطاع الاتصالات الليبي الحيوي.
ختامًا، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مستقبل طرابلس الأمني. هل سينجح الدبيبة في تجاوز هذه العقبة وتوحيد الفصائل المسلحة تحت سلطة مركزية؟ أم أن محاولته هذه ستزيد من حدة الصراع وتعمق حالة عدم الاستقرار في العاصمة؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث وتأثيرها على جهود تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.