منوعات

عمر ترتوري يكتب: جوالي ما بين الرازق و المرزوق   

سودان ستار

 

عندما اشتريت جوالي Samsung Galaxy Note20 Ultra 5G Android كان آخر إصدار و بمبلغ فاق الثلاث ألف ريال سعودي في ذلك الوقت وهو قيمة مادية و معنوية يشكل لي رئة تمدني بأَكسجين الحياة حيث يربطني بالناس محلياً و إقليمياً و عالمياً رغم ما فيه من كنوز معرفية.. فجأة و بدون مقدمات بسبب إنقطاع الكهرباء و عامل الشحن المتذبذب أصبح لا يشحن بالصورة المطلوبة مما أصبح خاملاً لا يعمل و هو غالي الثمن فذهبت به من القرير إلى فنيين التلفونات فى مروي ثم كريمة ثم قطعت مسافة ثلاثمائة كيلو متر حيث يممت وجهتى إلى مدينة الحديد و النار عطبرة في سبيل إصلاح جوالي العزيز عليَّ ، كانت المسافة طويلة والطريق ردئ جدا وواضح أن الطريق لم تجرى له صيانة منذ أمد بعيد، و الدليل وجود عدد كبير من الحفر على امتداده وبهذه الكيفيه يعرض حياة الناس للخطر ، وأيضا يسبب في إحداث أعطال للسيارات مما يكلف الناس الكثير من الوقت والمال في سبيل الوصول إلى عطبرة او العوده منها ، والأسوأ وأمر” يقولون : أن الكثيرين من المسؤولين يمرون عبر هذا الطريق ولكنهم لم يحركوا ساكناً وهذا خطأ ، فكيف يستطيع أي مسؤول ، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويمر بهذا الطريق ولا يصلح المعوج ، فهذا لا يستحق هذا المنصب .. يؤلمنى جداً أن فصل الخريف يطرق الأبواب و سوف تشتد المعاناة فى طريق القرير عطبرة حيث أن الناس سيتخوفون من الوقوع في الحفر المنتشرة على طول الطريق ، الحمد لله وصلنا قرية أم الطيور ولم أجد طيور ولا حتى زرارير صغيرة حيث كنت أمني نفسى بمشاهدة كل أنواع الطيور ذلك لأن إسمها أم الطيور ولكنني فقط وجدت جسر أم الطيور العكد الذى اراحنى بمنظره الجميل ومنه لمدينة عطبرة .

أعود لقصة جوالى الذى ذهبت به للعديد من المهندسين خريجي تقنية المعلومات ( I. T) كانت النتيجة العودة بخفي حنين وعدم مقدرتهم لإصلاح الخلل .. فأصابني الحزن العميق و بينما أنا في تلك الحالة المغلَّفة بالإحباط داخل سوق مدينة عطبرة ، فإذا بشخص بجواري يسألني بكل عفوية و حب استطلاع ( يا أخوي مالك حزنان كده ) فحكيت له قصة جوالي من طقطق حتى وصولي عطبرة وفشل خريجي حاملي شهادات تقنية المعلومات في إعادة العمل مرة أخرى لجوالي .. فقال لي يوجد واحد في سوق عطبرة بالقرب من متجر الوكيل، يده مبروكة و هو إنسان بسيط و مبارك ويؤم المصلين فى سوق الجوالات وعلى قدر حاله يعمل في إصلاح الجوالات كدي أمشي عليه عسى و لعل و الأرضة جربت الحجر ، و قد كان ذهبت إليه و شاف الجوال وقال لي خت الجوال و تعال بعد نصف ساعة .

جئت إليه حسب الميعاد وكانت المفاجإة حيث شاهدت نبض الشحن قد عاد للجوال وهو عامل ٤٠٪ لم تسعن الفرحة و كدت أطير ، حاسبته و اوصاني بشراء وصلة جديدة ذهبت لأكثر من محل لأشتري الوصلة وقبل أن ادفع ثمنها إجربها و لكن لا تشحن و تكرر الأمر فقررت الرجوع لذلك الشخص الذي صلح لي الجوال فطلبت منه أن يبيعني الوصلة التي كانت عنده و شحن لي بها الجوال ، فوافق وقلت له الوصلة الجديدة سعرها كذا وهذه عاوز فيها كم ؟ فأخجلني برده حيث قال : ( البجيبو جيبو ) فدفعت له ما يرضيني و أرضاه و قلت في نفسي سبحان الله : ( رزقاً تكوسلو و رزقاً يكوسك) ( و كان جريت جري الوحوش غير رزقك ما بتحوش ) و بسرعة جال في خاطري من أسماء الله الحسنى الرازق و الرزَْاق و نسمة صفاء انعشت روحي و قلت الرزق مكتوب في السماء حتى ولو كان الإنسان يكد ويعمل في مناكب الأرض لكن يجب أن لا يغفل بأن هذا الرزق مقدر ومكتوب من خالق السماء ، جئت من القرير إلى عطبرة بأمر الرازق لينال المرزوق ذلك الشخص الذي قام بتصليح جوالي رزقه .

ألا تدبرنا قول الحق عزَّ و حلَّ

( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )

( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ . فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ .)

و للإمام الشافعي :

عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً

يأتيك الأرزاق من حيث لا تدري .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى