ايهاب مادبو يكتب: “وما الحرب إِلا ما علمتم وذقتم”

“وما الحرب إِلا ما علمتم وذقتم”
(اما حكاية)!
هذه الحرب كشفت حقائق مهمة، كما إنها فضحت شعارات وإيدولوجيات مزيفة ، فالحرب اصبحت بفعل سرديات خطاب الكراهية هي حرب وجودية ولا مجال فيها للحياد علي الإطلاق.
فالدواس مافوقا “عورتني” ليه، وبسبب الخطاب العنصري تجاه مجموعاتنا الإجتماعية بتوظيف عنف الدولة ضدها تعرضنا لأسوء الإنتهاكات الإنسانية من قتل وتشريد وتهجير قسري، تم قصف الاسواق والتجمعات السكانية وكانوا يتلذذون بحمم البراميل والجثامين المحترقة بـ”صانع الكباب والمشاوي”، كان الجيش يأخذ تعليماته العسكرية من ذات الناشطين الذين يتباكون الان حينما ارتد عليهم ” كوكاب النايط”.
في بداية الحرب سعوا جاهدين إلي “التغريب” وهو ذات الخطاب العنصري الذي استخدموه من قبل ضد قرنق وخليل إبراهيم وغيرهم، وبسبب هذا الخطاب شاهد العالم والضمير الإنساني اسوء الإنتهاكات ضد الإنسانية في العالم وبإفريقيا، من ذبح وبقر وإخراج إحشاء البطن وسلخ الإنسان وهو علي قيد الحياة.
ولم يكتفوا بذلك بل شرعنوا لقانون “الوجوه الغريبة” والذي بسببه تعرّض العديد من الأبرياء للقتل والإعتقال والتوقيف علي اساس التنميط الإجتماعي، واصبحت حركة التنقل للمواطنين محفوفة بمخاطر جمّة تعرض صاحبها للموت المحقق.
هذا القانون جغرافية إختصاصها هي أقليم محددة ولقوميات ايضا تم تحديدها بخطاب التنميط علي أساس إنها حواضن للدعم السريع، في الوقت الذي تستمتع فيه مكونات تلك الاقاليم التي يسري فيها تطبيق القانون، بكامل حقوقهم التي كفلتها لهم القوانين والتشريعات، ولم يتعرض احدهم للتضيق او تقيد حركته علي اساس التنميط الإجتماعي، وظلوا حتي اللحظة مواطنين بكامل المواطنة غير المعطوبة بسبب التمييز علي اساس اللون او الجهة.
يقوم الجيش العنصري “جيش الثلاث قبائل” يومياً علي مدي عمر هذه الحرب، بقصف الاسواق والمدارس والمنشأت المدنية بغرب السودان، ونتيجة ذلك سقط العديد من الابرياء معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن، واثناء لحظة عرض الصور المتفحمّة يصفق البعض ويصفها بـ” المشاوي” متلذذاً بها ومطالبا بالمزيد من الطلبات والطلعات الإضافية.
الحرب اسقطت اوهام “الوطنية” المزيفة التي فشلت في أن “توحدنا” ، وبالتالي فإننا إذا ما اردنا وطناً نعيش فيه علي قدر المساواة والعدالة فينبغي هدّ المعبد القديم و”جالوص” الدولة القديم لبناء وتأسيس دولة جديدة تتحقق فيها قيم الحرية والعدالة والمساواة بين الجميع، من غير تمييز يقوم علي أساس الدين او الجهة او اللغة.
إن الإتساق مهم، فمن يتلذذ بعملية الذبح وقطع الرؤوس، عليه أن يصمت حينما يرتد إليه ” كوكاب النايط”، ليؤكد له ماقاله الشاعر زهير بن أبي سلمى قديماً
وما الحرب إِلا ما علمتم وذقتم
وَما هو عنها بالحديث المرجم
مَتى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وَتضر إِذا ضريتموها فتضرم
فتعركّم عرك الرحى بثفالها
وتلقح كشافا ثمّ تحمل فتتئم
وعليه فإن ” الشلانق” ماخلي عميان، وسوق السلاح علي قفا التسابق والشراء، وهو بمثل سوق المواشي للـ”القلاجي”، الذي يخبر دروبه جيداً، وحينها تصبح اللغة التي تتعاطي مع الحرب وسردياتها هي مارسخ بالعقل الشعبي ” البداوس مابخاف الطعن”.