مقالات الرأي

عزيز الدودو يكتب: ضربات بورتسودان: زلزال يهدد استقرار السودان ويُجبر الجيش على التفاوض

سودان ستار

 

ما يحدث في بورسودان من ضربات بالطائرات المُسيّرة ليس مجرد حدث عابر أو تكتيكًا بسيطًا كما يحاول أن يصوره البعض، بل هو تطور خطير ونقطة تحول مفصلية في الصراع الدامي المُستمر منذ عامين.

 

هذا التصعيد يُنذر بمرحلة جديدة من العنف، وقد يكون الشرارة التي تُجبر الأطراف المتنازعة على إعادة تقييم مواقفها والجلوس أخيرًا إلى طاولة المفاوضات.

 

لقد أظهرت قيادة الجيش السوداني تعنتًا ملحوظًا ورفضًا قاطعًا للحلول السلمية، وهو ما أكده عجز المجتمع الدولي ويأسه من إقناع الطرفين المتحاربين بضرورة الحوار. بل يمكن القول إن المجتمع الدولي فشل تحديدًا في إجبار الجيش وحلفائه الإسلاميين، على الانخراط في عملية سياسية تنهي الأزمة.

 

إن استهداف بورسودان يُمثل مرحلة جديدة في هذا الصراع الدموي، وقد يُحدث تغييرًا جوهريًا من خلال استهداف المواقع الاستراتيجية التي يتحصن فيها قادة الحرب وتجار الأزمات في هذه المدينة الساحلية الهامة.

 

تشير كل الدلائل إلى أن الصراع يتجه نحو تكتيكات جديدة ذات أهداف سريعة ومؤثرة، وهو ما قد لا يستوعبه الفريق البرهان ومن حوله من قادة يعيشون في فقاعة من الوهم والسلطة الزائفة.

 

يبدو أن هؤلاء القادة يجهلون تمامًا المصير الذي ينتظرهم، ولا يدركون أن استهداف بورسودان هو بمثابة نذير شؤم لتحالفهم الهش الذي وُلد ميتًا. هذا التحالف القائم على تناقضات جوهرية محكوم عليه بالفشل والاندثار، وكما قال عمرو بن العاص محذرًا من الفتنة الكبرى عندما بدأت إرهاصاتها : “والله إني لأرى العاقبة سيئة ولن تجني منها أمة الإسلام إلا كل شر”. لقد تحققت نبوءة عمرو بن العاص، وتفرق المسلمون وتقاتلوا فيما بينهم.

 

كذلك تحالف بورسودان سيتفكك وسيتقاتل أفراده، وسيلحق بهم هزيمة مُذلة.

 

إن أقل ما يمكن أن تطالب به قوات الدعم السريع في ظل هذا التصعيد هو تقاسم المجال الجوي ووقف الغارات الجوية التي ينفذها الجيش على مناطق سيطرتها، بالإضافة إلى انسحاب الجيش من الفاشر. وفي حال رفض الجيش هذه الشروط، فمن المرجح أن يستمر الاستهداف، مما سيكبد حلف بورسودان خسائر اقتصادية فادحة نتيجة لتعطيل الملاحة الجوية في جميع مطارات السودان، فضلًا عن التداعيات السياسية والدبلوماسية الناجمة عن عجز السلطة القائمة في بورسودان عن السيطرة على الأوضاع، وستضطر الدول على إجلاء رعاياه.

 

بل قد يكون إستهداف بورسودان بتنسيق دولي يهدف إلى وضع حكومة بورسودان أمام الأمر الواقع وإجبارها في نهاية المطاف على الجلوس للتفاوض مرغمة وخاضعة.

 

الأيام القادمة ستكشف لنا حجم التنازلات والتوسلات التي سيقدمها البرهان، خاصة وأن استهداف بورسودان يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ويُهدد أمن دول إقليمية مهمة كإسرائيل والمملكة العربية السعودية. إنها لحظة حقيقة للسودان، وفرصة أخيرة ربما لتجنب المزيد من الإنزلاق نحو الهاوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى