تقاريرجرائم وحوادث

البحر المتوسط: غرق قارب يحمل ٤٢ مهاجراً سودانياً قبالة السواحل التونسية

سودان ستار

تقرير : الكاظم هــرون 

 

في حادثة جديدة ضمن سلسلة مستمرة من حوادث الهجرة غير شرعية، غرق قارب (يُعرف محلياً بأسم “سبك”) يقلّ ٤٢ مهاجراً سودانياً قبالة السواحل التونسية أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط في اتجاه السواحل الإسبانية، بحثاً عن الأمل والأستقرار.

 

ووفقاً لمصادر طبية وأمنية تونسية، فقد تمكّنت وحدات الإنقاذ البحري من انتشال جثامين ١٣ شخصاً حتى اللحظة، فيما لا يزال ٢٧ آخرون في عداد المفقودين، وسط تضاؤل الآمال في العثور عليهم أحياء، ونجا شخصان فقط من الكارثة، وقد تم نقلهما إلى أحد المستشفيات المحلية حيث يتلقيان الرعاية الطبية اللازمة.

 

تفاصيل الحادث

 

تشير المعلومات الأولية إلى أن القارب انطلق في ساعة مبكرة من صباح ٢٨ أبريل من إحدى النقاط الساحلية غير المعلنة في تونس، في محاولة للوصول إلى الأراضي الإسبانية عبر البحر، إلا أن الأحوال الجوية السيئة والعواصف المفاجئة التي ضربت المنطقة تسببت في انقلاب القارب وغرقه، قبل أن يتمكن من اجتياز المرحلة الأولى من الرحلة.

 

يقول أحد الناجين – الذي لم يتم الكشف عن أسمه لأسباب أمنية – إن القارب كان متهالكاً ومحمّلاً فوق طاقته، وأن الراكبين لم يكونوا على علم بتفاصيل الرحلة أو المخاطر الحقيقية التي تنتظرهم في عرض البحر.

 

المهاجرون: بين حلم النجاة وضغط الواقع

 

ينتمي معظم المهاجرين إلى فئة الشباب السوداني الذين دفعتهم الظروف السياسية والإقتصادية المتدهورة في بلادهم إلى إتخاذ قرار الهروب نحو أوروبا، عبر واحدة من أخطر طرق الهجرة في العالم، ويعاني السودان منذ سنوات من أزمات متشابكة، شملت النزاعات المسلحة، تدهور الخدمات، وإنعدام فرص العمل، ما جعل خيار “الفرار عبر البحر” يبدو أقرب للحل من البقاء في وطنهم.

 

“كل ما أردته هو حياة كريمة”، بهذه الكلمات المؤلمة عبّر أحد الناجين لطبيب في المستشفى، قبل أن تنهار قواه بالبكاء.

 

ردود الفعل والتحقيقات

 

فتحت السلطات التونسية تحقيقاً رسمياً في الحادثة، بالتعاون مع خفر السواحل وأجهزة مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتشير بعض التقارير إلى أن القارب تم تنظيم رحلته من قبل شبكة تهريب بشر نشطة في شمال أفريقيا، وهي واحدة من العشرات التي تستغل يأس الفارين من النزاعات لتحقيق أرباح هائلة.

 

في المقابل، دعت منظمات حقوقية دولية إلى ضرورة تعزيز جهود الإنقاذ البحري وتحسين ظروف المهاجرين في تونس والدول المجاورة، بالإضافة إلى تقديم الدعم للحكومات التي تستضيف أعداداً متزايدة من طالبي اللجوء.

 

مأساة تتكرر

 

ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، فقد شهد البحر المتوسط منذ مطلع هذا العام عدة حوادث مشابهة راح ضحيتها عشرات المهاجرين من جنسيات مختلفة، وتعتبر سواحل تونس وليبيا نقطة انطلاق رئيسية لقوارب الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، رغم محاولات الرقابة والتشديد الأمني.

 

ويُعد العام ٢٠٢٥ من أكثر الأعوام دموية حتى الآن في مسار الهجرة من أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا، في ظل تفاقم الأزمات السياسية والنزاعات المسلحة وتقلص فرص اللجوء القانونية.

 

في إنتظار العدالة والإنقاذ

 

بينما لا تزال عمليات البحث مستمرة قبالة السواحل التونسية للعثور على المفقودين، يبقى الحادث شاهداً جديداً على كارثة إنسانية عالمية تعكس فشل المجتمع الدولي في معالجة جذور الأزمة.

 

هؤلاء الذين غرقوا لم يكونوا مجرّد أرقام، بل أحلام معلّقة لم يُكتب لها الوصول، وبينما يُدفن بعضهم في أرض لا يعرفونها، تستمر آخرون في التفكير بالقفز في المجهول نفسه، لعلّهم يصلون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى