
أحزان مسافرة..
___________________
كبيت جالوص متهالك الجدران..
كل من ينظر إليه يظن أنه مبتسمًا، إلا أن الشقوق تمددت بعيدًا إلى آخر السقف..
كعادته بعد الحرب يجلس وحيدًا، وإن
كان في مجمع من الناس تجده يختار العزلة، يلقي التحية على الجميع ثم يتسرب من بينهم كنغمة حزينة ترتطم بالأوتار وهي تريد المغادرة، لا لشيء سوى إنها تبحث عن اللامكان كي تعانق ذاك الإحساس الذي يسافر الأمل ناحيته.
تجده يبحث عن أشياء غائبة في عالمها الآن، ولم يجدها سوى في ذكرياته.
لذا تجده وحيدًا يطارد اللحظات الهاربة من خدرها، فلم ينل منها سوى الدمع والنحيب.
كلما يعود منها لم يجد عائلته، ويترك أمه هناك تمسح عطب الحياة بطيب ضحكتها..
أريكة الأطلال..
__________________
الليل هادئ ، ضوء النجوم اللامع لم يثر فتنة في السماء الصافية، السكون يعم المكان، صوت كدفق الماء في جدول محدث رقرقة يرتد في جسده النحيل، لم يحرك ساكنًا، يكتم الأنفاس عله يستطع معرفة مايدور بالقرب منه، يكاد يسمع صوت الدم في عروفه، يتحسس موضع الساعة في يده، شوكة الثواني اصبحت الأكثر ضجة في العالم، فجأة يختفي الصوت، صوت المدفع المباغت لم يجد إحساس يستقبله بحرارة، فقد اخطأ مسامعه، قبيل وصوله صعدت الروح وتركت الجسد رمزًا للبسالة، ليُعلن موته في مساء لطيف.
لكنه لم ينس أن يدوّن في مذكراته..
في أحدى الليالي الأكثر هدوءًا في أيام الحرب يترجل شخص من متن القطار البطئ..
وأطلال تبكي رحيله..
حرية راحلة..
_______________
كتب على أحد مواقع التواصل. . “يوجد علاج للداء الفتاك”، انتشر الخبر وتداوله الجميع، أخذ ينحسر عنه الحِبر، كلما ضغط حرفًا في لوحة المفاتيح، لم ير شيئًا، فقط ظلام يسد مابينه وبين مدى إبصاره، حيرة تسرى أفكاره، ورعشة تسكن جسده، ما كان منه إلا أن يذهب إلى صديقه شاكيًا، عله يجد هدىً لقلبه المضطرب.
تفاجأ عندما وجد صديقه هناك وقد سبقه ببضع أيام، وجيده قد طوقت بحبل متين، لم يستطع العودة، وإن صديقه الذي خلّفه، فقد بُتِرت يديه وبلع لسانه منذ أمد بعيد.