إنزلاقات جبل مرّة: حين تتقاطع الكوارث الطبيعية مع غياب خطط الطوارئ والإغاثة

تقرير : الكاظم هـرون
وقعت في منطقة جبل مرّة بولاية وسط دارفور كارثة طبيعية مروّعة، بعدما أدت إنزلاقات أرضية عنيفة ناجمة عن الأمطار الغزيرة التي استمرت لعدّة أيام إلى طمس معالم قرية “ترسين” بالكامل، وإبادة سكانها الذين يُقدّر عددهم بأكثر من ألف نسمة، فيما لم ينجُ من الكارثة سوى شخص واحد فقط وفق إفادات محلية.
تفاصيل الكارثة
أعلنت السلطة المدنية التابعة لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور في بيان صحفي، أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة طوال الأسبوع الأخير من أغسطس تسببت في إنهيارات أرضية وجبلية كبيرة أدت إلى دمار شامل للقرية.
وأوضح البيان أن قرية “ترسين”، الواقعة في وسط جبل مرّة والمعروفة بإنتاجها الوفير من الموالح، قد سُوِّيت بالأرض تمامًا، لتُسجّل واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها المنطقة منذ عقود.
حجم الخسائر
بحسب المعلومات الأولية، فقد لقي جميع سكان القرية مصرعهم تحت الركام والأنقاض، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، ولم يتمكّن من النجاة سوى شخص واحد. وما تزال مئات الجثامين مطمورة تحت التربة والصخور، ما يزيد من صعوبة عمليات البحث والإنقاذ.
النداءات العاجلة
دعت السلطة المدنية في جبل مرّة الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية والإقليمية، إلى التدخل السريع والعاجل من أجل:
- انتشال جثامين الضحايا من تحت الأنقاض.
- تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للناجين وأسر الضحايا.
- توفير الدعم الطبي والنفسي لمواجهة آثار الكارثة على المجتمعات المحلية.
وشدّدت الحركة على أنّ حجم الكارثة يتجاوز قدرات المجتمعات المحلية والإمكانات المتوفرة لديها، ما يستوجب تحرّكًا دوليًا واسعًا.
الأبعاد الإنسانية
ترسين، القرية الزراعية الصغيرة التي عُرفت لعقود بزراعة البرتقال والليمون والموالح الأخرى، لم تعد موجودة اليوم، القرية التي كانت تحتضن مئات الأسر، اختفت تمامًا من الخارطة، تاركة وراءها صدمة عميقة في وجدان سكان جبل مرّة ودارفور عمومًا،
وتشير شهادات محلية إلى أن الإنزلاقات حدثت بشكل مفاجئ وسريع، ما حال دون تمكّن الأهالي من الفرار أو إنقاذ ممتلكاتهم.
السياق العام
تسيطر حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد على أجزاء واسعة من جبل مرّة، وكانت قد وسّعت نفوذها خلال الحرب الأخيرة ليشمل مدنًا ومناطق مثل نيرتتي وطويلة، إلا أن هذه الكارثة جاءت لتكشف عن هشاشة البنية التحتية في مناطق النزاعات، وغياب خطط الطوارئ لمواجهة الكوارث الطبيعية، فضلًا عن العزلة الجغرافية التي تعمّق المأساة.
الحاجة إلى إستجابة سريعة
المراقبون يحذّرون من أن التأخر في التدخل قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي والبيئي، إذ إن بقاء الجثامين تحت الأنقاض يهدد بانتشار الأوبئة، إلى جانب حاجة الناجين العاجلة للغذاء والماء والمأوى.
إن كارثة قرية “ترسين” بجبل مرّة لا تُعتبر مجرد حادثة طبيعية عابرة، بل جرس جرح جديد حول هشاشة الأوضاع الإنسانية في دارفور، وهي تستدعي من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية التحرك الفوري لتقديم الدعم، ليس فقط لمواجهة هذه الكارثة، بل أيضًا لتعزيز قدرات المجتمعات المحلية على التكيّف مع المخاطر الطبيعية المتكررة.