
الحركة الإسلامية تخطط لفصل دارفور
في تصريحاته الأخيرة، أكد علي كرتي جدية الحركة الإسلامية في سعيها لتقسيم السودان إلى دويلات متناحرة، وذلك حفاظًا على مكاسبها السياسية وهيمنتها على السلطة لأطول فترة ممكنة. فكما فعلوا مع جنوب السودان، يعيدون الآن الكَرّة مع دارفور بنفس السيناريو والأهداف.
فصل الجنوب لم يكن إلا رد فعلٍ ذعرًا من الشعبية الجارفة للدكتور جون قرنق، خاصة بعد عودته إلى الخرطوم واستقباله الجماهيري الحاشد في الساحة الخضراء. حينها أدرك قادة الحركة الإسلامية خطورة وجود زعيم ثوري يحظى بتأييد الأغلبية الساحقة من الشعب، ويمتلك جيشًا قويًا يمكنه ضمان نزاهة الانتخابات في حال وحدة السودان. وبالتالي، قرروا التخلص منه نهائيًا عبر فصل الجنوب، ظنًا منهم أن ذلك سيضمن بقاءهم في الحكم، باعتبار أن بقية السودانيين مسلمون يسهل التحكم فيهم. وهذا ما عبّر عنه البشير صراحة في خطاب القضارف بعد الانفصال، عندما قال إن السودان أصبح “90% مسلمًا”، في إشارة واضحة إلى تخلصهم من أي معارضة غير إسلامية.
صحيح أن اتفاقية نيفاشا تضمنت خيار الانفصال، لكن نوايا الإسلاميين كانت متوافقة مع هذا المسار، بينما كان قرنق يؤمن بالوحدة ويرى الانفصال كخيار ثانوي. لقد كان مُنظّر مشروع “السودان الجديد”، لكنه أُغتيل بتواطؤ من الحكومة السودانية والحليف الخائن موسيفيني قبل أن يرى حلمه يتحقق.
اليوم، يتكرر السيناريو نفسه مع ظهور حميدتي وقوته السياسية والعسكرية، حيث تشبهت مسيرته بقرنق في الإرادة والتحدي. ولا يتردد الإسلاميون في تمزيق الوطن للحفاظ على سلطتهم، فهم لا يؤمنون بقدسية الجغرافيا أو الولاء للوطن، بل ولاؤهم الأوحد لتنظيم الإخوان العالمي، كما قال زعيمهم حسن البنا: “جنسية المسلم دينه”، أي ولاؤه للتنظيم وليس للوطن.
إن حديثهم عن “الجيش الوطني” أو “حب الوطن” مجرد كلام فارغ، فهم أبعد الناس عن الوطنية، وكما قال أحد المفكرين:
“الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد.”