ثقافة وأدب

محمد ابراهيم عمر: سُورَةُ الفَاتِحِ مِنَ الْعِشْقِ

سودان ستار

نَسْتَوْطِنُ كَيْنُونَةَ الجَمَالِ وَالخَاصِرَةِ، وَنَتَوَكَّأُ البَابَ الوَطِيءَ لِمُبَاحِ الابْتِهَالِ. بِمُرْتَفَقِ تَفْتِيحِ بَشَرَةِ النِّدَاءَاتِ، وَانْحِدَارِ الغِنَاءِ طَوَاعِيَةً بِوحْدَةِ انْفِصَالِ الطَّبِيعِيِّ مِنْ نَاصِبَاتِ الخِطَابِ. وَإِذْ يَتَمَشَّى العَاشِقُ فِي سَاعَةِ فَيَضَانِ البَوْحِ حِينَ يُمْسِكُ النَّهْرُ أَمْوَاجَ قَلْبِهِ العَاتِيَةَ وَتَهْصِرَهُ أَصْوَاتُ المُنَاصَفَةِ، وَمُنَاهَضَةُ اللُّطْفِ وَتَمْجِيدُ العَالِي مِنَ الْبَحْرِ بَيْنَمَا يَتَهَاوَى القَلْبُ بِتَأْوِيلِ أَوْبَةِ الجِرَاحِ.

 

وَنُمَالِئُ أَيْضَ انْتِظَارِ صَوْتِهَا وَبِقَارِعِنَا لَذَّةُ الأَثَرِ.. وَنَقُولُ فِي حَذَرِ العِبَادِ؛ هِيَ قِبْلَةُ وَقُبْلَةُ اليَافِعِ مِنْ ضِيَاءِ فَاتِحِ القَوْلِ أَثْنَاءَ غَيْهَبِ الحَنِينِ. وَلَوْلَا نُمَحِّصُنَا فِي أَلَقِ الرَّحِيمِ الطُّفُولِيِّ وَنَنْهَضُ لِأَنينٍ مُتَيَقِّظٍ فِي مَسَارِ العَويلِ. وَنُزَكِّي أَنْفَسَ مَا فِينَا لانْدِلَاقِ الوَاهِي مِنْ بَرْزَخِ الوَحِيدِ، وَلا وَقَرَ فِي انْحِبَاسِكَ فِي النَّهْدِ الرَّاكِضِ؛ المُحْيِي لِعِظَامِ الحُبِّ مِنْ أَجِنْدَةِ الوَاقِفِينَ كَطَابُورِ أَحْلَامِنَا؛ يَجُرُّونَ دِلَاءً مِنْ عَطْشَى الأَجْسَادِ. إِذَنْ فَمَنْ يَحُثُّنِي إِلَيْكِ بُرْتُقَالَاً مِنْ خَدِيجِ انْهِمَارِي عَلَى بَحْرِكِ التَّامِّ يَا ذَاتَ العِمَادِ. وَتَلْتَئِمُ بِالرُّوحِ القَصِيدَةُ وَأَعْرِفُ المَاءَ فِي كَيْفَ أَنْ صِرْتُنِي عَاشِقَاً. نَحْنُ خِضَابُ اللَّوْنِ فِي الْمَرْجَانِ وَهُوِيَّتُنَا الضَّائِعَةُ، وَيَفَعَانُ الخَيْبَةِ حِينَ ارْتَفَعَ زَبَدُ العَاشِقَةِ تَمَسُّكَاً بِآمَالِ البَعِيدِ عَلَى ضِفَّةِ المِدَادِ وَتَبْجِيلِ الغُفْرَانِ.

 

وَنَحْنُ قَرَأنَا حَدِيقَةَ العِطْرِ لُؤلُؤاً فِي سُلَّمِ الارتِبَاكِ وانْسَكَبْنَا مِهَادَاً فِي لَهْجَةِ العِذَابِ. وَحَدَّثَتْنِي وَحِيدَةُ مَسْعَاهَا بِشَأفَةِ الرُّؤى: يَا آيَةَ التَّقَلُّبِ فِي الرَّمْلِ، يَا المَلْفُوظُ مِنْ مَحَارِ وَأصْدَافِ العِنَايَةِ، يَا تَوْقِيعَ النَّهْرِ فِي الارْتِوَاءِ. احْمِلْ زَعْفَرَانَ الجَوَارِحِ وَمَسِّدْ طَبَقَاتَكَ بِأَعْشَابِنَا البَحْرِيَّةِ، وَسَتَرَى أيّمَا رُؤيَتَيْنِ، المَحْمُودَ مِن الدَّاخِلِ المَخْصُوصَ لِبَدِيلَةِ الجَنَانِ، أَوْ سَتُجَاهِرُكَ بِمَعْصِيَةِ الحَنَانِ وَيُونُسُ يَتَقَرَّبُ مِنَ العَدْلِ وَيُمَزِّقُ أَحْشَاءَ الظُّلْمَةِ وَالحِيتَانِ. آمِينُ يَا قَلْبِي وَمُرْتَفِعَاتِ الأمْوَاجِ هَا أَنَا أُنَظِّفُنِي بِمَنَادِيلِ الجَدِيد مِنْ تَرْنِيمَةِ العُنْفُوَانِ، وَأَعُولُنِي تَنَفُّسَاً فِي فُؤادِهَا الشُّطْآنُ.

 

وَأَنْتَ تَحْمِلُكِ الآنَ عَلَى ظَهر قَلْبِكَ الدَّلِيلِ، بِمِنْفَضَةِ العَاشِقَةِ وَتَرْتِيلِ الأرْخَبِيلِ. أَوْقِفْنِي وجُرَّ حَبْلَ مَوَاعِيدي عَلَى رِسْلِ الصَّاحِبَةِ، صَحَابِيَّةِ التَّعَفُّفِ وَصَباحِيَّةِ التَّسَكُّعِ عَلَى ضِفَّةِ الاحتِمَالِ. وأَفْرُزُ أَصْوَاتَ البُعَادِ بِتَعْدَادِ القَلَقِ المُوجِعِ وَامْتِحَانَاتِ الغِيَابِ النَّبِيلِ. وَأَزُمُّ نَفْسِي عَنْ حَقِيقَتِنَا الجَاهِزَةِ، وَأُجَاهِرُ بِسُوءِ أَحْلَامِهَا، وَنُنْجِبُ قَنَادِيلَ التَّوَقُّعِ بِبَيِّنَاتِ النُّجُومِ؛ وَهَذَا مَا أَرَاحَ الوَفَاءَ الوَسِيمَ؛ تَقْسِيمُ ثَرْوَةِ البَاطِنِ مِنَ الْعَبَقِ وَلَا سُلْطَةٌ لِلبَحْرِ فِي أُفْقِ الغُيُومِ.

 

وَنَثُوبُ إِلَى رُشْدِنَا اللَّادِنِ وَالغَرامِ المُجَفَّفِ، وَنَبْتَهِلُ إِلَيْهِ مَوْلَايَ الحُبّ: لَمْ أَقْنَطْ مِن رِيَاضِ وَلَهِكَ الوَاسِعَةِ، فَاغْفِرْ لِي جُرْأَةَ صَبَابَتِي عَلَيْكَ، وَأَنْعِمْ عَليَّ بِعُرْوَةِ وَجْدِكَ الوُثْقَى، وَارْبِطْنِي وَارْبِضْ عَلَى قَلْبِيَ حَتَّى أَرَى جَوَادَ رُوحِي يَفُوزُ بِسِبَاقِ الغَرَامِ. وأَسْبِرُ أَغْوَارَ المَزْرُوعِ مِنَ الإرَادَةِ بِبَاهِرِ يَاقُوتِ الخَيَالِ، وأُودِعُ بَهَائِمَ الرَّغْبَةِ فِي حَظِيرَةِ النَّافِقِ مِنْ حَقِيقَةِ السَّيْطَرَةِ، وَنَذْبَحُ أَوْهَامَ العَظَمَةِ فِي عَقِيقَةِ نَشْوَةِ المُحَالِ.

 

يَا اللهُ، يَا حَقِيقَةُ الكَمَالِ.. أَنِرْ لِي دَرْبَ تَبَّانَةِ القَوْلِ، وَاجْعَلْ مَحَبَّتَنَا لَكَ فِي مُتَنَاوَلِ الجَمِيعِ، وَاغْفِرْ لِي خَطَايَا العَاشِقِينَ، وَاحْفَظْنِي بِمَقَامِ حَقِّكَ المَحْمُودِ وَجَلالِ تَعَالِيكَ فِي مَحَبَّةِ الوُجُودِ وَتَصَوُّفِنَا لَكَ فِي المَجَالِ. يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، أَخْبِرْنَا بِمَفَاتِيحِ الحَبِيبَةِ وَشَمْسِ المُقْتَدِرِ مِنْ مَلائِكَةِ الصَّحْوِ وَمَرَاقِي الاخْضِرَارِ. وَنَلُوذُ بِأَسْمَائِكَ الحُسْنَى أَنْ تُنْقِذَنَا مِن غَمْرَةِ النَّائباتِ إلى مَعَارِجِ الحَبِيبِ وَأنَا مُتْرَعٌ بِنَهْرِهَا فِي أَلَقِ الوِصَالِ.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى