مقالات الرأيمنوعات

د. فتح العليم عبد الله يكتب: الجمال اشد النعم ابتلاءً

سودان ستار

قال عون بن عبد الله: من كان في صورة حسنة ومنصب لا يشينه ووسّع عليه في الرزق، كان من خالصة الله، وقالت عائشة رضي الله عنها: يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله، فان كانوا في القراءة سواء فاصبحهم وجها فان تساووا فاجملهم زوجة أما الإمام علي رضي الله عنه فقد قال خصصنا الله بخمس: صباحة وفصاحة وسماحة ورجاحة وحظوة.
وكذلك اتفق العرب عموما أن الحلاوة في العينين والجمال في الانف والملاحة في الفم. أما العالم بن شبرمة فقد قال ما رايت لباسا علي رجل ازين من فصاحة ولا رايت لباسا علي امراة ازين من شحم. هذا الرجل الفاضل لم يدرك هذا الزمن الذي صارت فيه الفصاحة سبة علي الرجل والشحم مصيبة علي المرأة يجعلها تطوف بمعاهد الرياضة والكباري بحثا عن نزول الوزن كي يسمح لها المجتمع بالدخول إلي حظيرة الجاذبية حيث الوظيفة والزواج والامومة والطفولة.

الجمال من الأشياء الحبيبة إلي النفس وهو موجود فيك وحولك في كل الكون حتى المعمار قال عنه الفلاسفة انه موسيقي متجمدة إذا كان متناسقاً تناسبياً.
والجمال كقيمة ومفهوم يختلف من بلد إلي آخر ومن ثقافة إلي أخرى كما أن معاييره قابلة للتطور والتعديل فمثلا كانت في السودان وقبل خمسين عاماً اجمل صورة للعروسين هي بالابيض والاسود وقد لبست فيها العروس فستاناً بعيداً شيئاً ما عن الحشمة أما شعر الراس فهو مقسوم من الإمام إلي مسيرتين متموجتين والعروس علي هذا الحال تجدها متكأة علي كتف العريس الذي ابرزت الدهشة عينيه. هذه الصورة أصبح الناس يخفونها في المخازن والدواليب المهجورة لأنها إذا ما قورنت بمقاييس اليوم الجمالية فهي لا تعني شيئاً سوي (الهبالة).
بعد اجتياح الفضائيات للعالم وكشف حالهم لبعضهم البعض صار سكان الدول الزراعية الفقيرة يحاكون ويقلدون سكان الدول الصناعية الغنية حيث كادت المقاييس أن تتوحد عالمياً.
العلاقة بين الجمال والمال وثيقة ومتينة وإذا وضعنا المرأة كمثال نجد أن مالها وغناها يكفيانها مؤونة العمل الشاق الذي ينعكس علي الجوارح والاطراف فتجف وتقوى بل وتتحجر كما أن الشعر يتجعد ويتباعد في شكل شتول متفرقة علي فروة الراس. فالمراة التي تزرع وتحلب وتحصد وتعتني بالبهائم وجلب الماء من الابار السحيقة ثم تقابل صاج العواسة لتصطلي بنيران الحنين لن تكون ابداً ناعمة الملمس طويلة الرموش نؤومة الضحي، هي تنوم متين ذاتوا؟
الافارقة والعرب عامة يكرهون المرأة النحيفة التي ليس فيها لحم وقد تعوذ شاعرهم لقوله:
اعوذ بالله من زلاء فاحـــشة : كانما نيط ثــوباها عـلي عود
لا يمسك الحبل حقواها إذ انتطقت : وفي الذنابي وفي العرقوب تحديد
اعوذ بالله من ساق لــها جنب : كانها من حـــديد القين سفود
والقين هو الحداد أما السفود فهو الحديدة التي يشوي عليها اللحم. الشعوب الاوروبية تحب المرأة النحيفة الطويلة والدينكا يعظمون شأن المرأة العالية لدرجة أن مهرها قد يصل إلي مئات الابقار ويتناقص كذلك متناسباً مع قصرها أما الماساي فالجميلة الجذابة عندهم هي التي تصل شحمتا اذنيها إلي كتفيها وفي سبيل ذلك يضعون مثاقيلا من الحديد في شكل حلقات حتي تتدلي الاذن. اشهر الشعوب في الهيام والغزل بقوام المرأة هم الشناقيط سكان موريتانيا والشايقية واهل الصومال اضافة إلي عرب الشام الذين قال شاعرهم.
وما ضــره نار بخـديه الهبت : ولكن بها قلب المحب يعذب
عنا قيد صدقيه بخــديه تـلتوي : وامواج ردفية بخصريه تلعب
شربت الهوى صرفا زلالاً وانما : لواحظه تسقي وقلبي يشرب
هذا الاوصاف التي ذكرها هذا الشاعر (الله لا جعل فيهو بركة) هي المطلوبات الحقيقية للوظائف في أي شركة أو وزارة ولا داعي اطلاقاً للشهادات وخلو طرف من الخدمة وطنية وحسن سير وسلوك وتزكية من ثلاثة اشخاص يمكن الرجوع اليهم إذ أن هذه الشروط وضعت لغربلة غير المليحات من بنات الفقراء والغارمين وذوي الدخول تحت المحدودة. في نظري أن القنوات الفضائية تخدع الجمهور في كل الكون باعطاء الحسناوات فرصة الظهور علي الشاشة كي يظن المشاهدون أن كل الامة في بلد المذيعة بهذه الروعة وما هي بذلك. وهنا اجد نفسي أمام جدار كيبر منحوت عليه (ما هو مصير اللائي يتحدثن اللغات بطلاقة ويتمتعن بسرعة بديهة وسعة افق ومفردات غنية وخفة روح؟).
في معظم الدول الفقيرة شروط توظيف الفتاة هي أما أن تكون فرعاء ذات قد مياس أو من اسرة منعمة العيش ايما الاجلين قضت فتعيينها مكتمل لان مثل هذه الشعوب تصوم عن المعروف وتفطر علي الفحشاء.
والفتاة الكاعب ذات العيون النجلاء اسرع من ينفذ إلي أي وظيفة مرموقة لكنك لا تأمن عليها رئيسها مهما ابدي من الخشية والورع ونقاء السريرة اللهم إلا من رحم ربي وبقدر رقتها ونعومتها وبهائها يكون الضرر الذي تحدثه لك إذا قلبت لك ظهر المجن وقديماً قال عنترة:
أن الافاعي وان لانت ملامسها : عند التقلب في انيابها العطب
انت بس اعمل حسابك من العطب دا.
المرأة الحسناء مرهقة جداً للرجل غير الوسيم خاصة إذا كان صعل الراس متراكب الاسنان اشدق ناتئ الوجه غائر العينين خفيف العارض فمثل هذا عليه أن يكون أمامها كريماً ولو باع ما يملك من الثروات الثابتة وان يكون صاحب مخزون كبير من الطرف والنوادر والملح كي يحتفظ بهذه البنت ساعتين يومياً وما أن يلوح لها فتيً طويلاً وسيماً بساماً اسمراً حتى تفر إليه وتترك ذلك القبيح وما ملك من حسن المعشر وحلاوة الحديث وقدم العهد وكل ذلك الاسترضاء الذي املته عليه رغبته في الاحتفاظ بها ولا تنسي أن للوسامة هيبتها وسحرها.
لا حظت في هذه الدنيا العابرة أن كل الغناء والثناء والمدح للجمال ولم اسمع يوماً شخصاً تغني للقبح و (الشنه) بالرغم من ما فيهما من فوائد ومنافع لا يعرفها الناس (أسألوني انا) ومنها بالنسبة للمرأة:
1. لا يكلف القبح أي مكياج أو تجميل ايا كان علما بان هذه الأشياء تستهلك 70% من ميزانية المرأة الجميلة نسية لان للتجميل اساسيات فان غابت فلا داعي له البتة.
2. لا تصيبها العين اطلاقاً ولا يحسدها احد (علي شنو؟).
3. لا تتعرض لاي مضايقة في الطريق أو في المواصلات وتصل بيتها سالمة غانمة مطمئنة.
4. لا يخشي عليها من الفتنة ابداً ولا تلصق بها أي تهمة تتعلق بالشرف.
5. تجدها مجتهدة جدا في دراستها وعملها (لو عينوها طبعاً) لسد الفجوة التي خلفتها الدمامة وقريباً تصير احدي المرجعيات المرموقة التي يبحث عنها طلاب الدراسات العليا والمهتمين بالحياة البرية.
أما الجمال فمصائبه وويلاته عظيمة جداً والامثلة علي ذلك كثيرة فقد تعذّب به سيدنا يوسف عليه السلام وسجن بسببه ستة سنوات وقطعت صاحبات امراة العزيز ايديهن بالسكاكين الحادة، وبسبب الوسامة نفي سيدنا عمر رضي الله عنه نصر ابن سيار أوسم شباب ذلك العهد إلي اقليم خراسان بعد أن افتتنت به نساء المدينة وقد عاني نصر ما عاني من شقاوة الغربة حتي في خراسان احبته زوجة الوالي وكاد أن يهلك لولا لطف الله عليه.
أما أم البنين حبيبة وضاح اليمن فقد كان حسنها سببا في دفنها حية ووضاح معها والخادم الذي اوشي بهما لدي زوجها الحاكم. وفي السودن اعدمت تاجوج بالسيف نهاراً دون ذنب سوى أنها جميلة وقد خلق جمالها فتنة كادت تقضي علي الذكور في تلك القبيلة.
كما اننا سمعنا كثيراً بزوجات جميلات لازواج فقراء دفع لهم الاغنياء اموالاً ضخمة حتى يطلقوهن ثم يتزوجهم الاغنياء (خلو رجل واااااااضح).
اصدقائي وصديقاتي غير الجميلين احمدوا الله كثيرأً علي نعمة الشنة والتي اعفاكم بها من كل هذه الابتلاءات.
تنويه:-
قال احد الامراء لجنده: يا كلاب، فقال له احدهم: لا تقل ذلك فانك اميرنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى